الذوادي لتوميديا: ملف الصلح الجزائي لن يتم معالجته إلا في إطار قانون إطاري و بعث مؤسسة عمومية دائمة تعنى باسترجاع المال العام
الخبير الجبائي الاسعد الذوادي يؤكد أن هناك تقديرات دولية بحجم الأموال التونسية المنهوبة والمهربة تصل لاكثر من 200 ألف مليار وقع الإستلاء عليها من قبل رجال أعمال و اشخاص بالقطاعين العام والخاص

قال الخبير الجبائي الأسعد الذوادي لتوميديا اليوم الإثنين 05 ماي 2025, إن مسألة الصلح الجزائي و استرجاع الأموال المنهوبة, ينضاف إليها استرجاع ما تم جنيه من أموال تابعة للمجموعة الوطنية من قبل أي شخص أو جهة في القطاعين الخاص والعام, لا يتم وفق تعبيره عن طريق لجنة وقتية. بل كان الأجدر معالجتها ضمن قانون إطاري شامل يمكن السلطة من استرجاع أموال الشعب على المدى البعيد.
وفي هذا الإطار، يؤكد الذوادي أن ما وقع ملاحظته أن مرسوم الصلح الجزائي مخالف بطريقة صارخة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد, التي صادقت عليها تونس بمقتضى القانون عدد 16 لسنة 2008, بنود تلك المعاهدة لم يقع احترامها من قبل الدولة التونسية بل وقع تجاوزها والالتفاف عليها في بعض الأحيان.
كما تطرق الاسعد الذوادي في هذا السياق إلى الأموال المنهوبة من قبل أعوان عموميين و موظفين سامين بالدولة, تمكنوا من تكديس ثروات طائلة من الرشوة واستغلال القوانين لمصالحهم, وتكوين شبكات نهب منظم للمال العام, على مرأى ومسمع الجميع وفق تعبيره. مشيرا إلى أن إجمالي ثروات هؤلاء المتنفذين و ناهبي المال العام تفوق 100 ألف مليار من المليمات. وهي ثروات طائلة نهبت من الدولة و من الشعب دون موجب حق.
و لفت الذوادي إلى أن الـ 13 ألف مليار التى ما فتئت السلطات الرسمية تتحدث عنها, هي قطرة في بحر الأموال المنهوبة و المهربة خارج البلاد في جزء منها. و أن القروض التى نهبت من قبل رجال أعمال و مؤسسات من البنوك العمومية أو ذات المساهمات العمومية بلغت وفق أرقام رسمية 25 ألف مليار ولم يقع استرجاع أيا منها إلى غاية اليوم ولم تتخذ أية إجراءات لمحاسبة المختلسين الذين استولوا على المال العام.
كما تطرق الخبير الجبائي الاسعد الذوادي إلى ملف خوصصة المؤسسات العمومية و بيع أملاك الدولة في ظروف مشبوهة حيث قدرت مداخيل تلك الصفقات في إطار عمليات الخوصصة بما يقارب 6400 مليار وهي نسبة ضعيفة جدا من القيمة الحقيقية لتلك الأملاك العمومية.
و بخصوص الحلول الممكنة لإنجاح الصلح الجزائي و استرجاع الدولة للمال العام و استفادة الشعب من تلك الأموال, يرى الذوادي أنه لابد من وضع قانون إطاري يتم بمقتضاه بعث مؤسسة عمومية دائمة لملاحقة ناهبي المال العام مهما بعدت الفترات الزمنية, وتكون هذه المؤسسة مخولة بمصادرة الأملاك و التصرف فيها قانونا, واسترجاع ما نهب و هرب خارج البلاد, حيث أكد في هذا الإطار أن جامعة ماساسوشتس الأمريكية ومعهد البحوث في مجال الإقتصاد السياسي تؤكد في تقرير لها أن جزء مما وقع تهريبه من أموال من تونس وليس كل الأموال المهربة بلغ 200 ألف مليار.
الذوادي استغرب من شمول مرسوم الصلح الجزائي على أخطاء قاتلة و ثغرات جعلت منه قانون غير متكامل, وهو احتواؤه على بند ينص على إسقاط جرائم نهب المال العام بتقادم الزمن. و عليه وجب إسقاط هذا البند كي تستطيع الدولة استخلاص الأموال العمومية من قبضة المستحوذين عليها بطرق غير شرعية. و تنصيص ذلك في القانون الإطاري المقترح. لأن عكس ذلك هو تبييض الأموال القانوني و تفويت الفرصة على الدولة والشعب من استخلاص تلك الأموال و ضخها في الاقتصاد الوطني و عملية التنمية.