رأي
عن حسنة 25 جويلية الوحيدة التي عَرّت الزعامات “العِرّة”

بقلم خولة بوكريم
يبدو التشبث ببعض “الزعامات” التي لم يبق لها سوى التمسح بالتاريخ والماضي، و الذي لم تصنع منه شيئا، ولن تساهم حتى في تشييده، أشبه بالإدمان على التبعية وتعطيب العقل والفكرة لا عن وعي بقيمة مضافة أو عمل عظيم لذلك “الزعيم.ة”.
زعامات أثبتت التجربة بعد 25 جويلية 2021 أنها لا تتزحزح من مكان انتهازيتها، لا في الدفاع عن الحق ولا عن العدل وعاجزة عن مقاومة الظلم وحتى الاصطفاف مع المبدأ البحت، هذا التشبث القاعدي (من قواعدها المغلوب على عقلها بالأدلجة) هو من انتقل بنا من صدمة غلق البرلمان بمدرعة إلى الأمر 117 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 الذي أحكم السلطات في يد فرد واحد، وعلى الرغم من الانقلاب الجلي على كل مظاهر الشرعية الدستورية بقيت هذه الزعامات تحت الأرض مختبأة لا تدافع عن “الديمقراطية” التي استماتت في تعطيل بناءها منذ ثورة 2011، والفرصة الثمينة التي أهداها شهداء وجرحى الثورة لتونس .
هذه الزعامات التي تتغذى عبر دمغجة قواعد إما تقتات على فتاتها، أو ما تزال في غيبوبة خطيرة، ليس هذا فحسب بل رفض تام للتواصل والتحليل النقدي مع المعطيات والأمر الواقع.
زعامات بينت أيضا بشكل فاضح كريه، أنها لم تكن تدافع عن الديمقراطية بل عن مصالحها طيلة فرصة الانتقال الديمقراطي الضائعة.
لأن الديمقراطيّ الحقيقي لا تفوته كل هذه المحطات المريرة من حصار الحريات العامة والفردية، وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي وسجن خصومه وحتى رفاقه، ودوس استقلالية قضاء بلاده بحذاء في ظاهره مدني لكن وطأته أشد من إيقاع العسكر على الأرض، وبعد الانفراد السلطوي بالحكم والمؤسسات والسلطات التنفيذية والتشريعية وقمع المعارضة، ولا يحرك ساكنا حتى برأي وموقف مباشر وشفاف و واضح.
ورغم كل هذه المظاهر التي تشكل صورة مرعبة عن الحاضر والمستقبل، تجد حضرة “الزعيم.ة” لا ينطق حرفا، وإن نطق يتلعثم ويتصبب عرقا، حتى لا يفهمه صاحب السلطات الأوحد لا شريك له “بالخطأ”.
أو لنكن اكثر دقة حتى يحافظ على “مصالحه”، التي أوهم الناس ذات يوم بأنها مرادفة للبناء والنضال والحقوق والتضحيات وأنه فدائي يقاوم “على جبهة تحرير وطني” هي طبعا نفس الشعارات، قيس سعيّد، الذي يرددها بعد 25 جويلية، طبعا ه لم يخترعها، لأن أنصار الشعوذة والتضليل يتحصلون على سلعتهم من نفس المُصنّع.
ما كُتب أعلاه يثبته أيضا موتهم الاختياري خلال زلزال 25 جويلية الناسف لكل مقومات الانتقال الديمقراطي، “زعامات” صمتت وخضعت وطأطأت رأسها، واختبأت حتى خلناها في حالة فرار.
إن مواصلة الدفاع عن أمثال هؤلاء والخجل حتى من سؤالهم عن مراجعاتهم هو من سيؤبد حكم قيس سعيّد أو أي نظام قمعي شبيه و بديل.
إن كان هناك حسنة وحيدة لخمسة وعشرين جويلية فهي أنها عرّت الجميع دون اسنثتاء، انت. انتِ “بلبوص” يا حضرة الزعيم.ة نرى الآن جيدا من هو الديمقراطي الحقيقي ومن كان يدَّعي ذلك.
خمسة وعشرين جويلية كشفت أن كل التمثيليات السياسية السابقة التي أضاعت على الوطن فرص البناء والاستقرار والحوار والمصالحة الشاملة والعدالة الانتقالية وإصلاح الأمن والقضاء في ظل أرضية عمل مشترك كان فقط هدفها تحدي إرادة الصندوق….لا أكثر ولا أقل
أما من صرخوا عاليا “وا ديمقراطياتاه”…هاهم في السجن يقسمون خبزهم مع الفئران ويربَّون الأمل عسى أن يحرّرهم شعبهم، لأنه لا أمل في بعض نخبهم وزعاماتهم. شعبهم الذي صدّق طيف منهم للأسف بأنهم “إرهابيون وقتلة”…لا مدافعون عنهم وقاموا بفدائهم بحرياتهم.
أخيرا،
حضرة الزعيم.ة…لم تكن يوما ديمقراطيا …..أنت كنتَ تمثل نظاما أو تنظيما، أسوء من الاحتلال نفسه.
يسهل على المواطن أن يقاوم محتلا أجنبيا، لكنه يصعب عليه أن يقاوم احتلالا من نسل أمه.