نشر محمد عبو،السياسي و الوزير والقيادي السابق في التيار الديمقراطي فيديو على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي تناول من خلاله علاقة الدولة التونسية بحرية التعبير، وحدود استعمال تهم الإرهاب، ومدى التزام السلطة الحالية بمبادئ دولة القانون.
و قدّم عبو قراءة نقدية لمسار القضايا الأخيرة، وعلى رأسها ملف سنية الدهماني، وما رافقه من إجراءات واتهامات،
واعتبر عبو أنّ الدولة انزلقت نحو استعمال آليات لا تستند إلى نصوص قانونية واضحة، وهو ما يُضعف مصداقية مؤسساتها داخلياً وخارجياً.
يرى عبو أنّ الأزمة، في جوهرها، ليست متعلقة بما قيل أو بمن قال، بل بغياب احترام القاعدة الأساسية في التشريع: “لا جريمة دون نص”.
وأوضح أنّ الكلمة التي أدّت إلى إيقاف سنية الدهماني “لا يمكن بأي شكل أن تندرج ضمن توصيفات مرسوم 54″، معتبراً أنّ التوسع في تفسير النصوص القانونية يفتح الباب أمام “منطق النظام لا منطق القانون”.
وأشار عبو إلى أنّ الدولة روّجت خلال العامين الأخيرين لخطاب متواصل حول “مئات الإرهابيين” و”قضايا مؤامرة” دون أن تستند إلى معطيات مقنعة للرأي العام أو أدلة معلنة.
واعتبر أنّ حديث بعض المسؤولين عن “مئة ألف انتحاري” يهدد تونس يشكّل مغالطة خطيرة تمسّ صورة البلاد دولياً وتبعث رسائل مقلقة للمستثمرين والسياح على حد سواء.
وقال إنّ تونس، التي تعاني أساساً من هشاشة اقتصادية، لا يمكنها تحمّل آثار مثل هذه التصريحات التي “لم تصدر حتى عن التنظيمات الإرهابية نفسها”.
وأضاف أنّ الدول لا تُدار بالتهويل بل بالحكمة والتقدير العقلاني للمخاطر.
وتوقف عبو عند بيان وزارة الخارجية الموجّه للمنظمات الدولية، وخاصة مفوضية حقوق الإنسان، والذي دافعت فيه السلطة عن توقيف عدد من الشخصيات بتهم متعلقة بالأمن القومي.
واعتبر أنّ البيان لم يقدّم حججاً قانونية بقدر ما حاول تبرير محاكمات “لا تستند إلى أسس صلبة”، مؤكداً أنّ “تونس في حاجة إلى استرجاع ثقة شركائها لا إلى صدام معهم”.
وشدّد عبو على أنّ القضاء يعيش اليوم “ضغطاً وتهديداً غير مسبوقين”، في إشارة إلى التصريحات الرسمية التي تُوجَّه أحياناً ضد قضاة بأسمائهم أو ضد مؤسسات قضائية بأكملها.
وأبرز أنّ القاضي العادل لا يمكن أن يحكم وهو تحت التهديد بالعزل أو الاتهام أو التشهير، مضيفاً: “نحن لا نملك عدالة خارقة بل نملك قضاة بشر، وواجب الدولة حمايتهم لا استعمالهم”.
ورأى عبو أنّ خلق صراعات بين فئات المجتمع – بين “النخب” و“الشعب”، أو بين فنانين وسياسيين، أو بين جهات اجتماعية – هو ممارسة قديمة تتجدد باستمرار وتستغلّ مشاعر الاحتقار والغيرة والظلم المتراكم عبر عقود. وقال إنّ هذا النهج لا يبني بلداً بل يعمّق الانقسام ويزيد الاحتقان.
كما استحضر عبو ممارسات نظام بن علي ليبيّن الفارق بين السلطة الحالية والسلطة السابقة، قائلاً إنّ بن علي، رغم استبداده، “كان يملك قدراً من البراغماتية” حين يتعلّق الأمر بسمعة البلاد أو اقتصادها، وكان يتجنّب الاعتراف بوجود عمليات إرهابية خشية على السياحة. أما اليوم، فالنظام – وفق تقديره – لا يقدّر تأثير خطابه على الاقتصاد ولا على صورة تونس في الخارج.
ختم عبو موقفه بدعوة التونسيين إلى الوقوف دائماً مع العدل لا مع السلطة، وإلى الدفاع عن المظلومين مهما كانت مواقعهم أو اختلافاتهم السياسية، مؤكداً أنّ الظلم لا يخدم حتى من يمارسه:”حتى الظالم سيكتشف في النهاية أنّه يضر نفسه قبل غيره”.
وشدّد على أنّ إصلاح البلاد لا يكون في مناخ الفوضى والعداء، بل في إطار دولة قانون تُطبّق قواعده على الجميع دون تمييز، وتوفّر بيئة تحترم الكرامة وتعيد الثقة للمواطنين، وتضمن بقاء الشباب داخل وطنهم وليس الهروب منه




