شهد محيط مجلس نواب الشعب اليوم تحركاً وطنياً حاشداً نظمه الأطباء الشبان، في خطوة احتجاجية جديدة تهدف إلى دفع السلطات إلى تطبيق محضر الاتفاق الممضى منذ سنوات، والذي ظلّ حبراً على ورق رغم النضالات الطويلة التي خاضوها. وقد أكد المشاركون أنّ تحركهم ليس تصعيداً معزولاً، بل هو نتيجة طبيعية لـ”تجاهل الدولة لالتزاماتها وحقوقهم المكتسبة”.
شدد وجيه ذكار رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان على أنّ هذا الاتفاق “لم يكن هدية من أي طرف ولا من أي مسؤول، بل ثمرة أشهر من النضال، وبالتالي فإنّ احترامه واجب على دولة تحترم نفسها، وأقل من ذلك لا يمكن اعتباره سوى استمرار في العبث بالحقوق”.
وقال إنّ حضور الأطباء أمام مجلس النواب هو “رسالة واضحة لتحميل النواب مسؤولياتهم”، باعتبارهم الجهة المخوّلة لممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية ودفعها نحو احترام التزاماتها. وأضاف أنّ مجموعة من النواب حوالي عشرة خرجوا لمساندة المحتجين وتعهدوا بالتدخل لدى وزير الصحة لضمان عقد جلسة نقاش جديّة تتعلّق بتطبيق الاتفاقات وبوضع قطاع الصحة العمومية ككل.
وأوضح ذكار أنّ الأطباء الشبان يعيشون وضعاً مهنياً ومادياً غير مقبول، فهم يؤدون واجبهم اليومي في المستشفيات، يشتغلون في المناوبات، ويديرون أقساماً كاملة أحياناً، لكن مستحقاتهم المالية ظلت متخلدة منذ سنوات وسط غياب كلّي للإصلاحات وللحد الأدنى من ظروف العمل اللائقة.
وتابع قائلاً: “الأطباء الشبان مازالوا يقاومون، لم يصلوا إلى مرحلة اليأس، وهذا دليل على أنّ هناك إصراراً حقيقياً على إصلاح المنظومة الصحية. لكن لا يمكن أن نطلب من طبيب منهك ومحروم من حقوقه أن يستمر في تقديم الخدمة العمومية بنفس الجودة إلى ما لا نهاية”.
كما أكد أنّ التحرك لا يقتصر على الدفاع عن حقوق الأطباء الشبان فقط، بل يُعدّ شكلاً من أشكال النيابة عن بقية القطاعات المهنية التي تعيش الوضع نفسه: عدم تطبيق الاتفاقيات، غياب الزيادة الخصوصية، وتهميش المفاوضات الاجتماعية على غرار التعليم، القضاء، وأعوان الصحة.
وحذّر من أنّ المرحلة القادمة قد تشهد إجراءات نضالية أكثر تصعيداً في حال استمرار صمت السلطات، موضحاً أنّ “الدولة تتحمل كامل المسؤولية عن أي تدهور قد يحصل في وضعية القطاع أو في تقديم الخدمات الصحية”.
وختم بالتأكيد على أنّ المستشفى العمومي هو آخر ما تبقّى من الدولة الاجتماعية، وأنّ انهياره سيكون بمثابة الضربة القاضية للعدالة الصحية في تونس، داعياً السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية إلى التحرك العاجل لتجنيب القطاع الصحي مزيداً من التدهور




