خلال الجلسة العامة المخصصة لمناقشة ميزانية وزارة الداخلية2026، وجهت النائب ضحى السالمي عن كتلة الخط الوطني السيادي مداخلة انتقدت فيها ما وصفته بـ”غياب الدولة عن عدد من المناطق القريبة من العاصمة”، مطالبة بـ”قرارات سياسية شجاعة لإعادة الأمن والخدمات إلى المواطنين”.
وقالت السالمي في مستهلّ كلمتها إن مناقشة ميزانية الداخلية تمت سابقًا في اللجنة المختصة، مؤكدة أن “الميزانية المقترحة تظلّ دون مستوى الحاجيات الحقيقية لتقوية الإمكانيات المادية والبشرية للوزارة”، قبل أن تنتقل إلى الحديث عن “الشأن الوطني الذي يفرض نفسه لما له من أولوية وأحقية في الطرح”.
و اعتبرت السالمي أن وزارة الداخلية ليست مجرد جهاز لضبط النظام العام، بل هي “قلب الدولة ومحرار الثقة بين المواطن ومؤسساتها”وأضافت: “عندما ننزل من الخطاب الوطني إلى الواقع، نجد مناطق بأكملها خارج عين الدولة، بلا أمن ولا خدمات ولا نظافة.”
وأشارت إلى أن مناطق مثل حمّام الأنف، حمّام الشط، برج السدرية، رغم قربها من العاصمة، “تعيش عزلة خدمية وأمنية وتنموية خانقة”، مؤكدة أن “أحياءً كاملة تبدو كأنها خارج القانون والحياة”.
وسردت النائب أسماء عدد من الأحياء في برج السدرية — من بينها حي 18 جانفي، حي علي بن عياد، حي الملعب، حي الكعبي 1 و2، وحي البلدي — قائلة إن “هذه الأحياء تفتقر للإنارة، الطرقات، وشبكات التطهير، ما جعل السكان يعيشون وسط الأوساخ والحشرات والأمراض التنفسية”.
وكشفت السالمي أنها طرحت على الوزير سؤالًا بخصوص تدخلات الوزارة في هذه المناطق، لتتلقى جوابًا بأنها “غير مشمولة بالتهيئة لأنها أحياء فوضوية”.
وردّت النائب على ذلك قائلة: “نحن لا نعارض القانون، ولكن لا يجوز استعماله كذريعة لتأجيل الحلول. القانون يجب أن يكون وسيلة لإنقاذ الناس لا لتبرير معاناتهم.”
وأضافت:“اليوم بعض المواطنين يعيشون بدون ماء ولا كهرباء، أطفال يدرسون في الظلام، ومرضى يحتاجون إلى الأوكسجين محرومون من الكهرباء… هل يُعقل ذلك على بعد 20 كيلومترًا فقط من العاصمة؟”
وأكدت أن معالجة هذه الأوضاع تتطلب قرارًا سياسيًا جريئًا يعيد للدولة حضورها الميداني وكرامتها أمام مواطنيها.
وانتقدت السالمي استمرار غياب معتمد على رأس معتمدية حمّام الشط، معتبرة أن “إدارتها بالنيابة ليس تفصيلًا إداريًا، بل عنوان لغياب الدولة”.
كما شددت على ضرورة إعادة فتح نقطة أمنية في برج السدرية، واصفة ذلك بـ“الحقّ الحياتي” للسكان بعد إغلاق المركز السابق في ظروف غير واضحة.
وطالبت كذلك بـتأمين محيط المؤسسات التربوية، خاصة في منطقتي بير الباي والمدرسة الإعدادية المحلية، نظرًا لما تعرفه من انفلات أمني متزايد.
وانتقدت النائب غياب التنسيق بين الوزارات في معالجة الملفات المحلية، قائلة: “ما يحصل اليوم ليس مجرد مسألة بلدية، بل ملف وطني يمس جوهر علاقة الدولة بشعبها. لن ننجح ما دامت الوزارات تعمل كجزر منفصلة دون تعاطٍ موحد.”
كما تساءلت عن تأجيل المباريات الرياضية في رادس بدعوى صعوبة التأمين، معتبرة ذلك “مؤشرًا مقلقًا على ضعف التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية”.
وفي ختام مداخلتها، أثارت السالمي ملف اختفاء المواطنة أسماء الفايدي، متسائلة عن أسباب غياب التواصل مع العائلة وتباطؤ التحقيقات رغم مرور أشهر على الحادثة، ودعت الوزارة إلى توضيح مآل الملف للرأي العام.
وختمت بالقول: “الدولة اليوم مطالبة بالعودة إلى الميدان، بقرارات حقيقية تضمن للمواطن حقه في الحياة والكرامة، لا بوعود مؤجلة ولا بقوانين تُستعمل كغطاء للعجز.”




