في تقرير بعنوان “تصرخ ولا أحد يسمعك: سياسة الهجرة في تونس تتخذ منعطفًا خطيرًا”, كشفت منظمة العفو الدولية عن تدهور خطير في أوضاع اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في تونس، ولا سيما ذوي البشرة السوداء، خلال السنوات الثلاث الأخيرة. واتهمت المنظمة السلطات التونسية باتباع سياسات وممارسات عنصرية تنتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان، في ظل تواطؤ أوروبي متزايد من خلال استمرار التعاون في مجال الهجرة دون ضمانات حقيقية لحماية الحقوق.
أشار التقرير إلى أن السلطات التونسية قامت بتفكيك منظومة حماية اللاجئين عبر إجراءات قمعية متزايدة، بدءًا من وقف دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تسجيل طلبات اللجوء في جوان 2024، ما ألغى المسار الوحيد المتاح لطلب الحماية الدولية. كما وثّقت المنظمة حملات اعتقال واحتجاز تعسفي تستهدف مهاجرين على أساس عرقي، تزامنًا مع تصاعد خطابات الكراهية والعنصرية التي غذّتها تصريحات رسمية، من بينها تصريحات الرئيس قيس سعيّد في فيفري 2023.
كما أبرز التقرير أن السلطات التونسية نفّذت منذ منتصف عام 2023 ما لا يقل عن 70 عملية طرد جماعي شملت أكثر من 11,500 شخص، غالبيتهم من المهاجرين واللاجئين السود. وتمت هذه العمليات بشكل تعسفي، دون ضمانات قانونية، حيث تُرك المطرودون في مناطق صحراوية نائية على الحدود مع ليبيا والجزائر، بدون طعام أو ماء أو وسائل اتصال. وأسفرت هذه الممارسات عن وفيات مأساوية، بينها 28 شخصًا على الأقل، إضافة إلى عشرات المفقودين.
و أورد التقرير شهادات مروعة حول تعرّض عشرات اللاجئين والمهاجرين للتعذيب والمعاملة المهينة أثناء الاحتجاز أو الترحيل. كما وثّق 14 حالة اغتصاب وعنف جنسي ارتكبتها قوات الأمن التونسية، بينها حوادث أثناء عمليات تفتيش جسدي قسري وتجريد من الملابس. وتحدثت إحدى الضحايا، وهي مهاجرة من الكاميرون، عن تعرضها للاغتصاب مرتين من قبل عناصر الحرس الوطني في ماي 2025.
إلى جانب استهداف المهاجرين، أشار التقرير إلى حملة قمع ممنهجة ضد منظمات المجتمع المدني التي تقدم الدعم والمساعدات الإنسانية، حيث أغلقت السلطات ست منظمات واحتجزت ثمانية من العاملين فيها بشكل تعسفي، إضافة إلى ملاحقة مسؤولين محليين تعاونوا معها.
كما انتقدت منظمة العفو الدولية استمرار الاتحاد الأوروبي في التعاون مع تونس في مجال ضبط الهجرة رغم توثيق الانتهاكات الخطيرة. فمذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين في جويلية 2023 خلت من أي آليات فعّالة لمراقبة حقوق الإنسان أو محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. واعتبرت المنظمة أن الاتحاد الأوروبي، بتجاهله لهذه الممارسات، يتحمل مسؤولية التواطؤ الأخلاقي والقانوني في الانتهاكات الجارية ضد المهاجرين واللاجئين.
في ختام التقرير، دعت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، السلطات التونسية إلى وضع حد فوري للخطاب العنصري وعمليات الطرد الجماعي، وضمان احترام حق اللجوء وعدم إعادة أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه لانتهاكات. كما طالبت الاتحاد الأوروبي بتعليق دعمه الأمني لتونس، وإعادة توجيه التعاون نحو تعزيز حماية اللاجئين وحقوق الإنسان بدلًا من سياسات الاحتواء القمعية.




