
نشرت جمعية تقاطع تدوينة حول ملف السجين منذر الونيسي حيث أشارت أن السلطات التونسية تواصل احتجاز الدكتور منذر الونيسي، نائب رئيس حركة النهضة وطبيب مختص في أمراض الكلى، في السجن المدني بالمرناقية، وسط تزايد المخاوف من تدهور حالته الصحية وتكرار الانتهاكات الجسيمة التي تطاله منذ إيقافه في سبتمبر 2023.
و أشارت تقاطع أن الونيسي، البالغ من العمر 58 عامًا، أُوقف في إطار ما بات يُعرف إعلاميًا بـ”ملف التسريبات الصوتية”، قبل أن تُوجه إليه لاحقًا تُهم جديدة تتعلق بملابسات وفاة النائب السابق الجيلاني الدبوسي. وقد تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه دون حتى استجوابه، في خرق واضح لضمانات المحاكمة العادلة، كما تنص على ذلك المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
في يوم 9 سبتمبر 2025، أفادت زوجة الدكتور الونيسي بتعرّضه إلى اعتداء جسدي عنيف من طرف أحد أعوان السجون داخل مصحة السجن، شمل الضرب المبرح بالركل واللكم، وذلك إثر رفضه الصعود إلى وسيلة نقل السجناء المعروفة بظروفها غير الإنسانية. الاعتداء لم يقتصر على الجسد، بل رافقته شتائم مهينة طالت كرامته وكرامة والدته.
ورغم معاينة طبيب السجن لآثار الكدمات الظاهرة، إلا أن السلطات رفضت تسليمه شهادة طبية تثبت الإصابات، في إجراء يعكس محاولة طمس معالم الانتهاك، وفق ما أوردته الجمعية.
إلى جانب ذلك، يعاني الدكتور الونيسي من إهمال طبي ممنهج داخل السجن، رغم حالته الصحية الحرجة التي تتطلب مراقبة دقيقة ودورية. ويؤكد محاميه أن مؤشرات وظائف الكلى، وعلى رأسها قياس الكرياتينين، لا تُراقب بانتظام، إذ تمر أسابيع دون تحاليل طبية، مما يعرض حياته لخطر فقدان وظائف الكلى.
ما يتعرض له الدكتور منذر الونيسي يمثّل، بحسب جمعية تقاطع، انتهاكًا صريحًا لعدد من النصوص القانونية والدستورية، من بينها الفصل 25 من دستور تونس 2022: الذي يحظر التعذيب ويكفل حماية كرامة الإنسان وحرمة الجسد و الفصل 43: الذي يكرّس الحق في الصحة الى جانب اتفاقية مناهضة التعذيب التي تصنّف المعاملة التي يتعرض لها الدكتور الونيسي ضمن التعذيب، لكونها تنطوي على معاناة شديدة جسديًا ونفسيًا و قواعد نيلسون مانديلا التي تنص على وجوب تمتع السجناء بخدمات صحية تماثل ما هو متاح في المجتمع كما يتعارض حرمانه من شهادة طبية وإهماله الطبي مع الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مما يبرز حجم التراجع الخطير عن الالتزامات الدولية التي صادقت عليها تونس.
و دعت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات إلى فتح تحقيق فوري، مستقل وشفاف في الاعتداء الذي تعرّض له الدكتور الونيسي و تمكينه من الرعاية الطبية اللازمة والعاجلة، وتوفير المتابعة الصحية المستمرة الى جانب ضمان احترام حقوقه كسجين، وعلى رأسها الحق في السلامة الجسدية والكرامة الإنسانية مشددة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وعدم التعامل معها كحالات معزولة أو عرضية.
كما شددت الجمعية على أن وضعية الدكتور منذر الونيسي ليست حالة فردية، بل جزء من سياق أوسع من التضييق والتنكيل بالمعتقلين السياسيين في تونس، مشيرة إلى أن الإهمال الطبي والاعتداءات الجسدية وسوء المعاملة أصبحت أدوات ممنهجة تستهدف الأصوات المعارضة وفق قولها.