
أدانت مجموعة من الجمعيات المدنية, اليوم الثلاثاء 19 أوت 2025, ما وصفته بمساعي السّلطة لضرب الحقّ النقابي وتدجين الاتحاد العامّ التونسي للشغل وتعتبرها فصلا جديدًا وخطيرا ضمن مسار ترسيخ نظام الاستبداد وإخماد الاحتجاج وغلق قوس الحريات وتصفية الثورة، تمهيدا لإجراءات اجتماعيّة قاسية، كما حصل في 1985.
ويضم البيان المشترك كلا من جمعية دمج الجمعية التونسية للعدالة والمساواة, و المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية, و حملة ضد تجريم العمل المدني, و الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية, و منظمة البوصلة, والهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية, حيث أعربت جميعها دعمهم لكلّ مساعي لرأب الصدع الداخلي وسط الاتحاد وإصلاحه الديمقراطي، بما من شأنه أن يشجّع على التفاف النقابيّين والنقابيات حول منظمتهم في هذا الظرف العصيب من أجل استعادة الاتحاد دوره في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والديمقراطية.
و أجمعت الجمعيات المدنية في بيانهم المشترك, أن الاتحاد العامّ التونسي للشغل، مهما كانت الصعوبات التي يمرّ بها داخليّا، إرثًا نضاليّا وطنيا واجتماعيّا، وأنّ الدفاع عنه اليوم إزاء هجمة السلطة مهمّة ديمقراطية ومدنيّة تعني كلّ القوى الحيّة في المجتمع.
و اعتبرت تلك الجمعيات أن تونس تعيش منذ أسبوعيْن, على وقع مرحلة جديدة من مسار ترسيخ الاستبداد وإخماد أيّ نَفَس احتجاجي، من خلال استهداف الاتحاد العامّ التونسي للشغل. فبَعد الاعتداء السّافر لمليشيات السلطة على ساحة محمد علي الحامي، حاملين شعارات تناشد الرئيس لـ”تجميد الاتّحاد” وبإحاطة وتسهيل من قوات الأمن، خَرجَ الرئيس قيس سعيّد ليدافع عن “المحتجين” ويَنطِق باسمهم، ويُهدّد اتحاد الشغل وقياداته، مستغلاّ سيطرته على القضاء الجزائي الذي تحوّل إلى أداة لتصفية الأصوات المعارضة. تلاَ ذلك تهديد بوقف الاقتطاع المباشر للانخراطات، عبر العزف على وتر الشائعات وتصويره زيفًا كـ”انخراط غير إراديّ”، بالتزامن مع شنّ أبواق السلطة حملات شيطنة وتخوين.
وأوضحت الجمعيات المدنية أن استهداف الاتحاد العامّ التونسي للشّغل, ياتي في سياق تَصاعد الاحتجاج الاجتماعي في الأشهر الأخيرة، سواء لدى الشغّالين أو المعطّلين وصولا إلى الجهات، في ظلّ تدهور المقدرة الشرائية وصعوبة الأوضاع المعيشيّة وانهيار الخدمات العمومية وانسداد الآفاق، ومواصلة السلطة سياساتها التقشّفية مغلّفة بشعارات الانتصار للفقراء والمهمشين، وسياسة حراسة الحدود الإيطاليّة وإعادة المهاجرين التونسيّين، مُغَلّفة بالشعارات السيادويّة والنظريات العنصريّة. وليس مصادفة أن تتزامن الهجمة على اتحاد الشغل مع استهداف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة بملاحقة جزائيّة، في مسعى لإغلاق كلّ حاضنات الاحتجاج الاجتماعي. فالرئيس الذي احتكر كلّ السلطة ووضع نظاما سياسيّا سلطانيّا على مقاسه، ثمّ احتكر الفعل السياسي عبر تحويل معارضة نظامه إلى تآمر على الدولة، يسعى اليوم لمصادرة صوت المهمشين واحتكار تمثيلهم، وإخماد أيّ صوت مناقض لسرديّته.
وعليه دعت منظمات المجتمع المدني الممضية على البيان للمشاركة بكثافة في التحرك العمالي يوم الخميس 21 أوت انطلاقًا من ساحة محمد علي الحامي دفاعا عن الحقّ النقابي والحريات العامّة.