حسين طارق:
أُعلن في تونس مساء الخميس 12 ديسمبر 2024 عن فقدان الساحة الفنية والثقافية التونسية والعربية لأحد أبرز مبدعيها وهو الفنان القدير فتحي الهداوي الذي وافته المنية عن عمر يناهز الـ63 سنة.
لحظة إعلان الخبر صادما. وكان مساء يوماحزين وشتوي بارد قرب صلاة المغرب. حين امتلأءت فضاءات وسائل الإعلام وصفحات التواصل الإجتماعي. انتشر الخبر كالنار في الهشيم. تهاطلت المنشورات وأخبار النعي من الجميع سلطات رسمية زملاء الفقيد في الساحة الفنية صحفيين ومثقفين حتى أناس بسطاء ممن عرفوا المرحوم عن بعد سواء من خلال الشاشة الفضيّة أو على خشبة المسرح ومن داخل قاعات العرض السنمائي أو التقوا به صدفة في طائرة أو قاعة انتظار في مطار أو بهو استقبال في فندق ناهيك عن زملائه في الوسط الفني ممن عرفوه عن قرب خلال مسيرته الفنية الكل نعاه من كامل أنحاء الوطن العربي. مما يدلل على قيمة الراحل الفنية وعطائه الغزير وكان الكل يُجمع على دماثة أخلاقه و مستواه الثقافي العالي و هدوئه غير العادي في تقاطع تام مع تركيبة الشخصيات التى يجسدها في أعماله المختلفة. ذلك هو الفنان فتحي الهداوي.
أول من نعاه كانت وزارة الثقافة على صفحتها الرسمية على موقع فايسبوك مذكرة بمسيرة الفقيد الفنية ومتمنية الصبر والسلوان لعائلته وزملائه و أحبته. كما نعاه كوكبة من الفنانين التونسيين والعرب على غرار المطرب صابر الرباعي والممثلة عائشة بن أحمد و الفنانة منال عبد القوي والمخرج عبد الحميد بوشناق والإعلامي الهادي زعيم ومن العرب نعاه المخرج السوداني أمجد أبو العلاء والفنانة الأردنية صبا مبارك وغيرهم كثر وربما قلة الإهتمام عربيا بخبر وفاة الممثل القدير فتحي الهداوي خاصة من زملائه السوريين الذين عمل معهم لسنوات و تزوج من سورية وله منها ابنين. وكان كثير التردد على بلاد الشام الأحداث التي تشهدها المنطقة في سوريا وفلسطين ولبنان.
الولادة والنشأة:
ولد الفنان الراحل فتحي الهداوي سنة 1961 بتونس العاصمة ودرس في مدارسها و أحب التمثيل منذ طفولته وانطلقت رحلته من المسرح في مدرسة ابن شرف التى كان يدرس بها تحت إشراف المخرج حمادي المزي، ثم التحق بمجموعة المسرح المثلث مع الأستاذ المسرحي الحبيب شبيل، ليلتحق بعد ذلك بمجموعة المسرح الجديد مع المخرج التونسي الفاضل الجعايبي والمخرج الفاضل الجزيري والممثلة التونسية جليلة بكار وغيرهم من القامات المسرحية التونسية. وبعد حصوله على الشهادة الثانوية تابع تكوينه بالمعهد العالي للفنون المسرحية في تونس حيث تخرج سنة 1986.
مسيرة فنية حافلة
جسّد الهدّاوي الأدوار المركّبة، خلال مسيرته الفنية التى تجاوزت 40 سنة من العطار .حيث وصفه النقّاد بأنه متقمّص بارع، برع في المسرح و التلفزيون و السنما دون ان ينسى الإذاعة
في المسرح:
مثّل الراحل فتحي الهداوي عدة أعمال مسرحية أبرزها “العوادة” و”عرب”، التى حُوّلت فيما بعد إلى عمل سينمائي يحمل العنوان ذاته وحاز فيه فتحي الهداوي على دور البطولة.
في السنما:
ودخل الهداوي منذ نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات عالم السينما فشارك من خلالها في فيلم “حلفاوين” للمخرج فريد بوغدير وفيلم “صفائح من ذهب” للمخرج النوري بوزيد عام 1986.
الأعمال الدرامية التونسية والعربية :
وعلى صعيد الأعمال الدرامية التلفزيونية للهداوي مسيرة حافلة بالأعمال التونسية والعربية والأجنبية، فقدّم الفقيد عدة أدوارا ناجحة في الدراما التونسية على غرار أدواره في مسلسلات “لأيام كيف الريح” و “غادة”و مسلسل “العاصفة” للمخرج عبد القادر الجربي عام 1993، ثم مسلسل “الحصاد” عام 1994 إلا أن شهرته الواسعة كانت بعد آدائه دور “رئيف” في المسلسل الدرامي الشهير “صيد الريم” عام 2008، ثم في مسلسل “ناعورة الهواء” في الموسمين الرمضانيين في 2014 و2015.
في السنوات الأخيرة، قدم المبدع الراحل فتحي الهداوي جملة من الأعمال الدرامية ذات صدى واسع. كان من أبرز مشاركاته الأخيرة في مسلسل “براءة” عام 2022، ومسلسل “الجبل الأحمر” عام 2023 وكان آخر ظهور له على الشاشة، ليختتم مسيرته الحافلة بالإبداع والعطاء الفني.
أما في الدراما العربية فقد شارك الهداوي في العديد من الأعمال على غرار مسلسل “الحسن والحسين” و”معاوية ابن أبي سفيان” وقد شكل ثنائيا تونسيا مهاجرا في دمشق السورية إذ جمعتهما عدة أعمال ناجحة. وكانت للهداوي عدّة مشاركات في أعمال أوروبية
سجل فني وثقافي حافل:
خلال مسيرته التى تجاوزت 40 سنة تعامل الهداوي مع نخبة من ألمع المخرجين التونسيين و العرب و الأجانب من تونس و سوريا و الأردن ومصر و فرنسا وإيطاليا، ومن أشهرهم المخرج الفرنسي “سارج مواتي” والمخرج الإيطالي “فرانكو روسي”.
وبالمحصلة يمكن القول أن فقيد الفن التونسي و العربي فتحي الهداوي في رصيده 21 فيلما طويلا و3 أفلام قصيرة و32 عملا تلفزيا و6 مسرحيات وعملين إذاعيين وقد تحصل على عديد الجوائز المحلية و العربية. كما ترأس الراحل المهرجان الدولي بالحمامات لمدة أربع سنوات خلال الفترة من 2011 إلى 2014.
وفي عصر الخميس 12 ديسمبر 2024 تتوقف مسيرة فارس الدراما التونسية والعربية عن عمر ناهز 63 سنة تاركا وراءه رصيدا واسعا من الأعمال الفنية أثرت الشاشة التونسية و العربية وحبا جماهريا منقطع النظير رحمه الله رحمة واسعة.