أكدت عقيلة الدريدي، عضو هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستور الحر عبير موسي مساء اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 لتوميديا، أن الحكم الصادر على موسي “قاسي ولا يستجيب لأدنى متطلبات المحاكمة العادلة”.
و اشارت الدريدي أن هيئة الدفاع سبق أن بلّغوا المحكمة بقرار المقاطعة، وأنّ عبير موسي ترفض المثول أمام الدائرة الجنائية الرابعة باعتبارها ـ وفق توصيفهم ـ “هيئة قضائية غير شرعية” بالنسبة لهم. وأكدت أنّ المحامي المعيّن بصفة تسخيرية، لم يكن بإمكانه الترافع بسبب التزامه بقرار المقاطعة نفسه.
وطلب المحامي المعيّن تأجيلاً لإعداد وسائل الدفاع، إلا أنّ المحكمة رفضت مطلبه وحجزت القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم إثر الجلسة، رغم غياب مرافعات هيئة الدفاع.
و قالت الدريدي ان هيئة الدفاع استنزفت كل الوسائل القانونية خلال مرحلة التحقيق، مروراً بدائرة الاتهام ومحكمة التعقيب، حيث تقدّمت بتقارير ومذكرات دفاع وشكايات ومرافعات، لكن دون نتيجة.
وأفادت بأنّ محكمة التعقيب رفضت مطالبهم في نهاية المطاف، وأعادت الملف إلى الدائرة الجنائية للنظر في الأفعال المنسوبة لعبير موسي باعتبارها ـ بحسب قرارها ـ أفعالاً منصوصاً عليها بالفصول الجزائية، مثل تغيير هيئة الدولة، وحمل المواطنين على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح، وإحداث الهرج داخل الدولة التونسية.
وبيّنت الدريدي أنّه رغم مقاطعة هيئة الدفاع، تمت إعادة استنطاق عبير موسي في مناسبتين. وفي المقابل، لم تستجب المحكمة لأي طلب من طلبات الدفاع، سواء تلك المتعلقة بالمسائل الشكلية أو المطالب الأساسية المرتبطة بإعادة التكييف أو مراجعة قرارات الإحالة.
مشيرة أنّ قاضي التحقيق كان قد ألغى جريمة الفصل 72 (جناية عقوبتها الإعدام)، قبل أن تُعيد دائرة الاتهام النظر وتقرّ حتمية البحث، وبالتالي إعادة إدراج العبارة الجرمية. واعتبرت هيئة الدفاع أنّ هذه الخطوة زادت من تعقيد الملف وعمّقت ما وصفوه بـ”الإجحاف” في التكييف.
شددت هيئة الدفاع على ضرورة أن تبتّ المحكمة أوّلاً في الوضعية القانونية لعبير موسي، إذ أنّ بطاقة الإيداع التي سبق أن أصدرها قاضي التحقيق لم تُنفّذ، ودائرة الاتهام لم تُصدر بطاقة جديدة. وبذلك، حسب الدريدي، فإنّ عبير موسي ليست في حالة إيقاف قانوني بل في حالة سراح، معتبرة أنّها “محتجزة قسرياً دون إذن قانوني” وفق توصيفها.
وأكد الدريدي أن محكمة التعقيب كانت قد اعتبرت سابقاً أنّ وضعيتها القانونية يجب أن تُحدّد قبل الدخول في أصل القضية، لكن هذا القرار لم يُؤخذ بعين الاعتبار في الجلسة الحالية.
وأوضحت الدريدي أنّه كان بالإمكان ـ قانونياً ـ إحالة القضية على المجلس الجناحي باعتبار إمكانية اعتماد أحكام القانون المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، وخاصة الفصول 27 و28 منه، وهو ما كان سيؤدي إلى عقوبة أخف بكثير من العقوبة المنتظرة أمام الدائرة الجنائية.
ومع ذلك، فقد تمسكت النيابة العمومية والدائرة الجنائية بالتكييف الأشد، ما جعل هيئة الدفاع تعتبر الحكم المنتظر قاسياً ولا يستجيب لأدنى مقومات المحاكمة العادلة.
أوضحت الدريدي أنه عند إثارة المسائل الشكلية في الجلسة، تمّ حفظ هذه المسائل بعد انتهاء الجلسة ودون أن يقع البت فيها عند الانتقال إلى الأصل، خصوصاً النقطة الجوهرية المتعلقة بـ تحديد الوضعية القانونية لعبير موسي قبل استنطاقها وأكدت أنّ هذا الإجراء يمثل شرطاً قانونياً أساسياً، لكن المحكمة لم تتعرض له.
وأضافت أنّ مقاطعة هيئة الدفاع للجلسة، وامتناع عبير موسي نفسها عن الاستنطاق، كان نتيجة مباشرة لعدم احترام هذه المسائل الإجرائية الضرورية.
وفي تعليقها على سؤال حول ما إذا كان من المفترض إحالة القضية إلى الجناحي بدل الجنائي، أوضحت الدريدي أنّ هذا القرار كان من الممكن اتخاذه، لولا تمسك جهات قضائية أخرى بتشديد التكييف وإعادة إدراج الملف في مسار جنائي مؤكدة أنّ النيابة العمومية دعمت هذا الخيار، وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى إحالة عبير موسي على الدائرة الجنائية.
وبيّنت أنّ دائرة الاتهام لعبت دوراً أساسياً في إعادة تشديد التكييف، حيث اعتبرت قرار ختم البحث في محله وأصدرت ما يدعم إحالة عبير موسي على الدائرة الجنائية ثم قامت دائرة الاستئناف لاحقاً بإعادة النظر في الملف وأيّدت بدورها قرار ختم البحث، مؤكدة كل ما ورد فيه، وطلبت من قاضي التحقيق إعادة استنطاق كلّ من عبير موسي و مريم ساسي.
واعتبر الدفاع أنّ هذا التدرّج يعكس وجود ضغوط على مسار التحقيق، حيث إنّ قاضي التحقيق في مرحلة أولى جنّح القضية، ثم تمّ التراجع عن ذلك وإعادتها إلى الوصف الجنائي.
وبخصوص الحكم الأخير الذي قضى بسجن عبير موسي ل 12 سنة وسجن مريم ساسي لسنتين، قالت الدريدي ان الحكم خلاصة “مشوار قضائي معقّد” دام طويلاً، وأن هيئة الدفاع قدّمت خلاله تقارير وملفات عديدة ودفوعات شكلية وأصلية دون أن يقع التعامل معها كما يجب.
وأوضحت أن أصل الملف كان مرتبطاً بتوجه عبير موسي، بصفتها محامية ومواطنة، إلى مكتب الضبط لإيداع طعون في أوامر ترتيبية، مستندة إلى مرسوم المحاماة وخاصة الفصلين 47 و49. وأكدت أنّ هذه الطعون تستوجب القبول شكلاً طبقاً للقانون عدد 40 لسنة 1970 المتعلق بالأوامر الترتيبية، وهو قانون يلزم الإدارة بقبول المطالب قبل النظر فيها.
وشددت الدريدي على أنّ عبير موسي كانت في طريقها لاستكمال إجراءات الطعن أمام المحكمة الإدارية، وأنّ هذا المسار القانوني هو الأصل في القضية قبل تحويلها إلى ملف ذي صبغة جنائية




