خلال ندوة صحفية عقدها حزب الجمهوري مساء اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025 في أحد المقرّات ذات الرمزية النضالية في العاصمة، أكد لؤي الشابي، ابن السياسي والحقوقي المعتقل أحمد نجيب الشابي،لتوميديا بأن المقر الذي احتضن الندوة ليس مجرّد فضاء حزبي، بل شاهد على لحظات مفصلية من تاريخ الحركة الديمقراطية في تونس. فقد احتضن هذا المكان، كما قال، إضراب الجوع التاريخي الذي خاضه كل من أحمد نجيب الشابي والمناضلة مية الجريبي دفاعًا عن حرية التعبير وعن “هذا المقرّ الذي أصبح جزءًا من ذاكرة مقاومة الاستبداد”.
وتوقف عند ذكريات عشرات الصحفيين الذين كانوا يغطون تلك المعارك، مضيفًا أن بعضهم “لم يكن ينقل الحقيقة بل كان يحرّفها”، بينما ظلّ آخرون ملتزمين بمهنتهم ورسالتهم.
استعاد الشابي الابن مشاهد من أحداث 2011 حين حاصرت قوات الأمن المقر في محاولة لمنع المناضلين من الدخول أو الخروج، وأشار إلى أن الحاضرون ما يزالون يتذكرون “كيف جاؤوا لكسر الباب، وكيف كان البعض ينجح في الدخول وآخرون يُمنعون”.
ورغم كل ذلك، عاشت المجموعة لاحقًا “لحظة انفراج” احتفلت فيها بانتصار الإرادة الشعبية وبداية التحوّل الديمقراطي بعد انطلاق الثورة قبل أكثر من عشر سنوات.
قال لؤي الشابي إن تونس تعيش اليوم “حلقة جديدة من المسلسل الصعب”، في إشارة إلى المرحلة الحالية التي وصفها بأنها مرحلة عودة الثورة المضادة إلى الحكم. وأكد أن السلطة القائمة اليوم “لا تعرف معنى المقرات ولا رمزية الفضاءات السياسية”، وأنها تستهدف النشاط السياسي الحرّ وتحاول إسكات الأصوات المختلفة.
واعتبر لؤي أن الأزمة ليست فقط سياسية أو اقتصادية، بل هي أزمة مجتمعية عميقة، حيث يعيش التونسيون حالة “مرضية” من الانقسام والتوجس وغياب الثقة.
وقال إن هذه الحالة لا تسمح ببناء مستقبل مشترك، وإن المطلوب ليس الحديث عن “أزمة ظرفية”، بل عن سنوات من الفشل والاستبداد التي أوصلت البلاد إلى هنا.
ودعا إلى التركيز على مشاكل المواطنين الحقيقية بدل الانغماس في الصراعات الأيديولوجية، محذرًا من “الأشخاص الذين يقدّمون أنفسهم كسياسيين وهم لا يمتلكون سوى مهارات التنبؤ بعد وقوع الأحداث”، في إشارة إلى من يتاجرون بالمواقف أو يبنون شعبيتهم على الانقسامات.
توقف لؤي عند شخصية والده، قائلاً إن غاية أحمد نجيب الشابي الوحيدة كانت دائمًا التجميع وليس خدمة أي مشروع أيديولوجي ضيق. وأضاف: “من يريد أن يكون مجمِّعًا يجب أن يكون حاكمًا… ومن يريد أن يحكم يجب أن يرى كل المواطنين بعيون واحدة.”
وأشار إلى أن الثورة ضمّت أطرافًا متعددة: من كانوا معها، ومن تضرروا منها، ومن يحاولون اليوم الاستفادة من الخطاب المناهض لها. لكن والده –وفق قوله– ظلّ ثابتًا على مبدئه: البحث عن حلّ للمشاكل التي قامت الثورة من أجلها: الحرية والكرامة.
روى لؤي حوارات خاصة جمعته بوالده في السجن، قائلاً إن الشابي كان على دراية مبكرة بما سيحدث في مسار المحاكمات.
فقد قال له في البداية إن الأحكام الابتدائية ستُسقط “عشرات السنين من السجن” على المتهمين، وهو ما حصل بالفعل، ثم توقّع أن محكمة الاستئناف ستسير في الاتجاه نفسه.
وعندما سأله ابنه لماذا لا يتراجع أو يتوقف، أجاب: “لا يمكنني. نحن نعيش ارتباكًا في السلطة، وأي تراجع هو تنازل عن مبدأ.”




