نشر مهدي العش، الكاتب و الناشط المدني، تدوينة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك مساء اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025، عبر من خلالها عن قراءة دقيقة للأسباب الحقيقية لإفراج السلطة عن سنية وأهمية الضغط الداخلي في إحداث التغيير السياسي في تونس.
و قد قام العش بالتركيز على نوعية الضغط الذي ينجح فعلاً في مواجهة منظومة استبدادية. في المقابل لما يروّج له البعض، يرى العش أنّ الإفراج عن سنية لا يمكن تفسيره كنتيجة مباشرة لتصويت البرلمان الأوروبي على لائحة حول حقوق الإنسان في تونس، ليس لأن شعارات النظام السيادية فارغة فحسب، بل لأن تأثير هذه اللوائح سياسيًا وقانونيًا ضعيف جدًا، فالسياسة الأوروبية غالبًا ما تحكمها مصالح مرتبطة بغلق الحدود ومراقبة الهجرة وليس بالضغط على السلطة الداخلية وفق العش.
و قال العش أنه قد سبق للبرلمان الأوروبي أن أصدر لوائح مشابهة في كل منعطف قمعي تقريبًا، ولم تسجّل أي نتائج ملموسة، لذلك شدد على أنّ التراجع المحتمل للنظام يعود بالدرجة الأولى إلى اشتداد الضغط الداخلي.
هذا الضغط وفق العش تجلى في الحراك الشعبي الذي بدأ من انتفاضة قابس المستمرة ووصل إلى عودة النشاط الاحتجاجي للشارع بخطاب سياسي واضح نسبيًا وجامع لمقاومة الاستبداد، كما تجلى في الاحتجاج الفردي البطولي الذي قدمه جوهر بن مبارك من خلال إضراب الجوع الذي أحدث زخمًا واسعًا على مستوى الرأي العام، وفي صمود الجمعيات المدنية التي واصلت نشاطها رغم موجة التعليق والتهديد، وفي النشاط النقابي الذي عاد إلى التحرك.
وأشار بوضوح إلى ما أسماه “شتاء ساخن” وهو ما شكل تهديدًا ملموسًا للنظام وزاد من شعوره بالضغط. حتى لو ساهم الضغط الخارجي في إحراج النظام، فإن تأثيره كان محدودًا أمام مخاوف السلطة من تغيير ميزان القوى داخليًا، فالخطر الحقيقي يكمن في الداخل وفي الحراك الشعبي الذي يمكن أن يعيد تشكيل المشهد السياسي المحلي. ويؤكد العش على ضرورة عدم الانجرار وراء أي انفراجات جزئية أو تسويات شكلية، فالفرح بالإفراج عن كل مظلوم وسنية من أبرزهم مشروع لكنه لا يجب أن يحجب الحاجة إلى استمرار الضغط والمراكمة السياسية والاجتماعية، لأن الأنظمة الاستبدادية معتادة على تقديم تنازلات مؤقتة لشراء الوقت واستعادة المبادرة وفق تعبيره.
وفي ختام تدوينته، ذكّر العش بأن الحرية لا تتجزأ وأن أي إصلاح حقيقي لن يتحقق إلا عبر مواجهة النظام الاستبدادي بشكل كامل لا عبر ترقيعات مؤقتة، وأن اللحظة الحالية، رغم هشاشتها، تمثل فرصة لإعادة استعادة الشارع دوره وبناء قوة سياسية واجتماعية قادرة على فرض التغيير




