أكدت بلقيس ابنة السجينة سلوى غريسة أنها تعيش اليوم واحدة من أقسى التجارب الإنسانية، إذ تجد نفسها محرومة من والدتها سلوى غريسة، المرأة الستينية المعروفة بشجاعتها وصراحتها ورفضها للخضوع أو الخوف وفق قولها لكن هذا الصوت الحر كلّفها حريتها، لتدخل في دوامة من الإجراءات التي تصفها بغير الواضحة وغير العادلة.
بلقيس قالت ان والدتها سلوى كانت تقيم في فرنسا، إلا أنها اتخذت قرار العودة إلى تونس رغم معرفتها بالمخاطر. لم ترد أن يُقال إنها هربت أو تجنّبت مواجهة أي تهم، فهي مقتنعة بأنها لم ترتكب أي خطأ لكن هذا القرار قادها إلى سلسلة من الاستدعاءات والاحتجازات غير المبرّرة، على حدّ قولها.
بلقيس قالت أنه تم استدعاء سلوى في البداية ثم الإفراج عنها في اليوم التالي، لتُستدعى مرة أخرى وتُحتجز يومين في غرفة إيقاف بعدها نُقلت إلى سجن منّوبة، حيث بقيت محتجزة لمدة ستة أشهر كاملة من دون محاكمة، ومن دون فتح ملف قضائي واضح وتؤكد بلقيس أن والدتها سجنت من دون أدلة أو اتهامات ثابتة، وأن ملفها بقي مجمّدًا لفترة طويلة.
قضت سلوى عيد ميلادها الرابع والستين داخل السجن، وهو ما اعتبرته ابنتها رمزًا لمعاناة تمتد ليس فقط للسجينة ذاتها بل لعائلتها أيضًا و تقول بلقيس وهي تتحدث بحرقة عن أمها:”أنا محرومة من حضن أمي. يعاملونها كأنها إرهابية أو أنها حاولت القيام بانقلاب، وهذا غير صحيح إطلاقًا.”
من المفترض، وفق بلقيس، أن للعائلات الحق في زيارة شهرية حضورية لطمأنة ذويهم واحتضانهم إلا أن هذا الحق حُرمَت منه، ما زاد من ألمها وألم الكثير من العائلات التي تعيش نفس التجربة.
وتضيف:”العائلات هي التي تتعذّب. هناك أطفال بعيدون عن أمهاتهم، وأنا واحدة منهم.”
لم تطلب بلقيس الكثير، بل تتوجّهت بنداء بسيط يحمل وجعًا كبيرًا:”أطلب منكم فقط الدعاء من القلب… هذا كل ما أتمناه.”
و للاشارة فان سلوى غريسة عرفت بنشاطها في مجال حقوق الإنسان وتولّيها منصب المديرة التنفيذية لـ”جمعية الحق في الاختلاف“ (ADD). جمعية تأسست سنة 2011، لتنشط من أجل التوعية بالحقوق الكونية للإنسان والاعتراف بالحق في الاختلاف والدفاع عنه وتثمينه في مجالات التنوع الاجتماعي والثقافي الجندري والهوياتي. سنة 2018، أطلقت الجمعية ”مرصد الدفاع عن الحق في الاختلاف“.
أمّا في علاقة بالسلطة الحاكمة، فقد عارضت الجمعية مرارا مواقف رئيس الجمهورية قيس سعيد، لا سيما فيما يتعلق بملاحقة المهاجرين والتضييق على الحريات المدنية وقمع نشطاء مجتمع الميم عين إضافة إلى توظيف المرسوم 54 لقمع معارضي الرئيس.
في 9 ديسمبر 2024، تم استدعاء سلوى غريسة لأوّل مرّة من قبل الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية بالقرجاني. بعد استجوابها، تمّ الإفراج عنها ليتّم استدعاؤها مرة أخرى في اليوم التالي لجلسة استماع جديدة. لكن هذه المرّة، وُضعت رهن الإيقاف التحفظيّ لمدة 48 ساعة في مركز الإيقاف ببوشوشة.
في 12 ديسمبر 2024، مثلت سلوى غريسة أمام وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بنزرت ومن ثمّ أمام قاضي التحقيق الذي أذن بفتح تحقيق في شأنها. وفي نهاية جلسة الاستماع، صدرت بطاقة إيداع في حقّها لتنقل إلى السجن المدني بمنوبة.




