خلال جلسة برلمانية مشتركة خُصصت للنظر في ميزانية وزارة الشؤون الدينية، قدّم الوزير أحمد البوهالي توضيحات حول الوضعية الإدارية والمالية للإطارات المسجدية. وأكد أن هذه المهام كانت في البداية ذات طابع تطوّعي، قبل أن تُنظَّم ضمن إطار قانوني واضح عقب صدور أمر سنة 2019 المتعلق بالإطارات المسجدية، يليه الأمر التكميلي لسنة 2020 الخاص بالتغطية الاجتماعية.
وبيّن الوزير أن الإطارات المسجدية تنقسم حالياً إلى صنفين:
متفرغون يتم تشغيلهم كأعوان وقتيين وفق نظام 48 ساعة أسبوعياً ويتمتعون بالتغطية الاجتماعية.
غير متفرغين يحصلون على منحة رسمية، في حين تُسند منح الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة منهم عبر وزارات أخرى.
امتيازات الوعّاظ وبرامج التكوين
وأشار البوهالي إلى أن الوعّاظ يتمتعون بنفس امتيازات موظفي الوظيفة العمومية، بما في ذلك العطل وإمكانية أداء فريضة الحج، نظراً لطبيعة مهامهم الإدارية والميدانية. كما أعلن أن الوزارة ستفتح باب الانتدابات سنة 2026 لتعويض الشغورات ودعم الموارد البشرية.
وفي إطار التكوين، أوضح أن الوزارة توفر دروساً عن بُعد لفائدة الوعّاظ والمؤدّبين في الكتاتيب، الذين يحصلون على منحة كاملة ومقرّ للعمل، إضافة إلى معلوم قُدره 40 ديناراً عن كل طفل، وهو ما يوفر لهم دخلاً محترماً نظراً لمستوياتهم العلمية التي تتراوح بين الباكالوريا والدكتوراه.
وذكر الوزير أن شروط الانتداب تتركز على الكفاءة العلمية والتمكن من علوم الفقه والإمامة والأذان، معلناً عن مناظرة جديدة للوعّاظ وتوزيعهم على مختلف المعتمديات وفق معايير مضبوطة.
كما أشار إلى نقص الموارد الفنية داخل الوزارة، حيث لا يتجاوز عدد المهندسين المخصصين لصيانة وترميم المساجد اثنين فقط، مؤكداً التوجه نحو دعم هذا الإطار الفني.
تطوير الكتاتيب وترشيد الطاقة في المعالم الدينية
وفي ما يتعلق بالكتاتيب، أكد البوهالي وجود تنسيق وثيق مع وزارتَي التربية والمرأة، باعتبار أنّ الوزارة عضو في المجلس الأعلى للتربية. كما أبرز التطور الحاصل في برامج الكتاتيب التي أصبحت تراعي المستجدات البيداغوجية، مع توفير تجهيزات عصرية.
وعلى صعيد آخر، أوضح أن الوزارة شرعت في اعتماد الطاقة الشمسية في بعض المساجد بولاية توزر في إطار ترشيد استهلاك الطاقة ودعم الاقتصاد الأخضر، على أن يتم تعميم التجربة تدريجياً.
الصيانة وبرامج التأطير الديني
وبيّن الوزير أن بعض المعالم الدينية تخضع لأشغال صيانة بالشراكة مع المعهد الوطني للتراث، وهو ما يستوجب آجالاً أطول. كما أوضح أن الأئمة الخطباء من أصحاب شهادة الأستاذية ينتفعون ببرامج تكوينية دورية، إلى جانب إحداث مكتبات جهوية وتنظيم أيام دراسية لتعزيز مهاراتهم. وأضاف أن الإمام يظل حراً في اختيار خطبته، مع توجيه الوزارة أحياناً نحو مواضيع ذات صلة بالسلوك المدني والأخلاق.
وعلى مستوى الإعلام الديني، كشف عن بث حوالي 550 حصة تلفزية منذ بداية السنة إلى نهاية أكتوبر، فضلاً عن برامج إذاعية وطنية وجهوية أسبوعية.
وأكد أن تطوير الخطاب الديني يتم وفق خطة شاملة تشمل ميثاق شرف الإمام الخطيب، ودليل الإمام، والوثيقة المرجعية للخطب، إضافة إلى مراسلات دورية ترسخ قيم التسامح ومواكبة تحولات المجتمع.
موسم الحج والعمرة
وفي سياق آخر، أعلن الوزير عن حصول تونس على جائزة رمزية تقديراً لحسن تنظيم موسم الحج الماضي. وأوضح أن معايير اختيار المرافقين واضحة وأن الدولة تتكفل بمصاريفهم نظير أدائهم لمهامهم.
كما بيّن أن كلفة الحج تُحدَّد من الجانب السعودي باعتبار ارتباطها بالسكن والنقل والإعاشة، وأن 219 مرافقاً خُصصوا لتونس هذا العام بين مرشدين وأعوان صحة وإداريين، مع مدة إقامة تتراوح بين 24 و26 يوماً.
وأشار إلى عدم تسجيل حالات “حج موازٍ” هذا الموسم، خلافاً للموسم قبل الماضي الذي شهد إشكاليات أودت بحياة 60 حاجاً بسبب الازدحام وتجاوز طاقة الاستيعاب.
وبخصوص العمرة، أكد الوزير ضرورة احترام العقد الرابط بين المعتمر ووكالة الأسفار لضمان الحقوق.
التعايش الديني
وختم البوهالي بالتأكيد على أن الوزارة تقف على مسافة واحدة من جميع الأديان والمذاهب، بما يعكس خصوصية النموذج التونسي في التعايش الديني ويعزز صورة البلاد كفضاء للحوار والاعتدال




