أنترفيواقتصاد

الطرابلسي لتوميديا: الحكومة تتجاوز مجلّة الشغل والزيادات المقترحة لا تغطي حتى نسبة التضخم

الفصل 15 من قانون المالية 2026 سابقة خطيرة تُهدّد أسس الحوار الاجتماعي في تونس

اعتبر كريم الطرابلسي، الأستاذ الجامعي في الاقتصاد والمستشار الاقتصادي بالاتحاد العام التونسي للشغل، أنّ مشروع قانون المالية لسنة 2016 يتضمّن “جملة من المسائل التي تستوجب نقاشاً واسعاً”، إلا أنّ أخطر ما جاء فيه ـ وفق تقديره ـ هو مقتضيات الفصل 15 الذي ينصّ على إقرار زيادات فردية في أجور أعوان الوظيفة العمومية بمقتضى أمر حكومي دون استشارة الأطراف الاجتماعية.

وأوضح الطرابلسي لتوميديا أنّ هذا التوجّه يمثّل سابقة تاريخية خطيرة، لأنّه ينسف مبدأ الحوار الاجتماعي الذي تأسّست عليه الدولة التونسية منذ سبعينات القرن الماضي، ويُهمّش دور المنظمات الاجتماعية، وفي مقدّمتها الاتحاد العام التونسي للشغل.

وأضاف أنّ الفصل 15 يشكّل خرقاً واضحاً للفصل 134 من مجلة الشغل الذي ينصّ على ضرورة التفاوض مع الشركاء الاجتماعيين في كل ما يتعلّق بالزيادات في الأجور. واعتبر أنّ الحكومة تتجاوَز بذلك الحدّ الأدنى من الضمانات القانونية التي تنظّم العلاقات المهنية.

وأشار الطرابلسي إلى أنّ الإشكال لا يقتصر على الجانب المبدئي فقط، بل يشمل أيضاً مضمون الزيادات المقترحة، قائلاً إنّها “غير كافية إطلاقاً ولا تغطي حتى نسبة التضخم المقدّرة حالياً بـ 5%”، وهو ما يعني ـ حسب قوله ـ تراجعاً إضافياً في القدرة الشرائية للأجراء.

ورغم إقرار الميزانية لأكثر من 50 ألف انتداب جديد في الوظيفة العمومية وارتفاع قيمة الاستثمار العمومي، فإنّ الطرابلسي يرى أنّ هذه الإجراءات “لا تجعل من قانون المالية ميزانية اجتماعية”، لأنّها جاءت ـ حسب تعبيره ـ مجرد إعلان رقمي دون إجراءات فعّالة تستجيب للأولويات الاجتماعية الملحّة.

وضرب مثالاً بالأزمة البيئية في قابس، قائلاً إنّها “تتطلّب تدخّلاً فورياً من خلال الميزانية، وهو ما لم نجده في المشروع الحالي”.

وأوضح أنّ حجم الاستثمار العمومي، رغم ارتفاعه النسبي، يبقى بعيداً عن المعدّلات التاريخية، كما أنّه مشتت بين عدد كبير من الوزارات والبرامج، ممّا يمنعه من لعب دور “القاطرة” القادرة على تحريك الاستثمار الخاص وخلق ديناميكية اقتصادية.

وختم الطرابلسي بالتأكيد على أنّ الاتحاد يطالب بسحب الفصل 15 بشكل عاجل، إمّا بمبادرة من الحكومة أو عبر تصويت مجلس نواب الشعب ضدّه، رغم محدودية صلاحياته، لأنّ هذا الفصل:

1. يتعارض مع القانون،

2. يمسّ بمبدأ الشراكة الاجتماعية،

3. ويضرب مكتسبات الحوار الاجتماعي في تونس.

 

وأشار إلى أنّ “التفاوض حول الزيادة في الأجور ليس تفصيلاً إجرائياً، بل هو جوهر التعاقد الاجتماعي الذي قامت عليه الدولة الاجتماعية منذ عقود”

Authors

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى