في تقرير جديد يعتمد على جملة من المعطيات والشهادات، حذّرت منظمة العفو الدولية من استمرار التضييقات المفروضة على المنظمات غير الحكومية والنشطاء في تونس، مؤكدة أنّ السلطة تواصل فرض قيود إدارية وقضائية واسعة النطاق تُهدد جوهر الحق في تكوين الجمعيات وممارسة العمل المدني بحرية.
وأكدت المنظمة أنّ الحق في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها يرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدرة المنظمات على جمع التبرعات واستخدام الموارد المالية الوطنية والأجنبية والدولية دون عراقيل تعسفية، مشددة على أن أي قيود تُفرض على هذا الحق يجب أن تكون منصوصًا عليها في القانون، وأن تُحقق هدفًا مشروعًا، وأن تكون ضرورية ومتناسبة مع ذلك الهدف. وبحسب التقرير، فإنّ الحواجز البيروقراطية المفرطة والقيود التمييزية التي تواجهها العديد من الجمعيات تشكل انتهاكًا مباشرًا لهذه المبادئ.
وأشارت المنظمة إلى أنّ الفترة الأخيرة شهدت توسّعًا في قرارات تعليق الأنشطة، وتجميد حسابات مالية لجمعيات تعمل في مجالات حقوق الإنسان والعمل الإنساني، فضلًا عن فتح تحقيقات مُطوّلة تطال عدداً من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. وترى المنظمة أنّ هذه الإجراءات لا تُستخدم فقط كآليات رقابية، بل تحوّلت إلى وسيلة للضغط والترهيب.
و قالت إريكا غيفارا روساس، مديرة البحوث في منظمة العفو الدولية:”أدّى هذا التضييق القضائي والإداري متعدد الأوجه إلى خلق مناخ عام من الخوف، يُقيّد الحق في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والحق في حرية التعبير، ويخنق الحيز المدني في تونس. يتعيّن على السلطات أن تتخذ فورًا تدابير فعَّالة لاحترام حقوق الإنسان، والسماح للمنظمات غير الحكومية بمزاولة أنشطتها الحقوقية بحرية، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في المجال الإنساني، ورفع قرارات تعليق الأنشطة، وإلغاء تجميد الحسابات”.
وتدعو منظمة العفو الدولية السلطات التونسية إلى الالتزام الفوري بواجباتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، واتخاذ خطوات ملموسة لإزالة القيود المفروضة على المجتمع المدني، وضمان أن تعمل المنظمات الحقوقية والإنسانية دون مضايقات أو تهديدات.
ويرى مراقبون أنّ استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى إضعاف المشهد المدني التونسي، ويُهدد المكاسب التي تحققت خلال العقد الماضي في مجالات الحرية والتعددية والمشاركة المجتمعية. وفي ظل هذا السياق، تبدو دعوات المنظمات الحقوقية ملحّة لضمان عدم تحول الإجراءات الإدارية إلى أدوات للرقابة السياسية أو لتقييد الأصوات المستقلة.




