نشره الوزير والقيادي السابق في التيار الديمقراطي محمد عبو على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك، قدّم من خلاله قراءة شاملة لما حصل في تونس منذ 25 جويلية 2021، مؤكدًا أنّ النقاش حول “من يحكم البلاد” لا يمكن أن يُختزل في نظرية المؤامرة أو في سرديات متناقضة، بل يجب أن ينطلق من الواقع القانوني والمؤسساتي ومن مسؤولية النخب السياسية والأمنية والعسكرية على حدّ سواء.
وقال عبو إنّ ما حصل ليلة 25 جويلية لم يكن أمرًا بديهيًا داخل مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أنّ المؤسسة العسكرية والأمنية لم تكن على وفاق تام حول الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد، وأنّ بعض القيادات لم تكن ترى فيه قائدًا فعليًا بقدر ما كانت تتعامل معه في إطار احترام الشكل الدستوري.
وأضاف أن القرارات التي اتخذت آنذاك لم تكن نتيجة “تعليمات أجنبية”، كما يروّج البعض، بل جاءت في سياق داخلي معقد تداخلت فيه الحسابات السياسية، والخوف من الفوضى، وانهيار الثقة بين مؤسسات الدولة.
وأشار إلى أنّ الحديث عن “دولة عميقة” أو “مؤامرة خارجية” لا يجب أن يكون شماعة يعلّق عليها الجميع فشلهم، بل يجب أن يكون محور تحقيقات شفافة ومسؤولة.
وأكد عبو أن الخلل الحقيقي كان داخليًا، قائلاً إنّ النخب السياسية والمجتمع المدني والاتحاد العام التونسي للشغل والأحزاب كان بإمكانهم حينها إيجاد حلول دستورية سلمية، مثل اللجوء إلى المحكمة الدستورية أو الحوار حول بدائل انتقالية، بدل ترك المجال مفتوحًا للتأويلات والقرارات المنفردة.
وأضاف:“لو كانت لدينا محكمة دستورية عاملة، لما وجدنا أنفسنا في هذا الوضع. المشكل لم يكن في قيس سعيّد وحده، بل في سكوت النخب عن التجاوزات وفي غياب الحلول القانونية البديلة.”
وعبّر عبو عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع من احتقان سياسي وانقسام مجتمعي، داعيًا إلى تجاوز عقلية “التخوين والمؤامرة”، والعودة إلى مبادئ الدولة الديمقراطية والقانون. وأوضح أنّ “البلاد اليوم تحتاج إلى رجال قانون، ونخبة سياسية جديدة تؤمن بالشفافية وبمفهوم الدولة، لا إلى صراعات شخصية أو مصالح حزبية ضيقة”.
وختم قائلاً:“تونس لن تُبنى بالمؤامرات ولا بالسكوت، بل بالصدق مع النفس وبالإصرار على احترام الدستور. إذا أخطأ رئيس أو حزب أو مؤسسة، فالحل ليس في الانقلابات ولا في الفوضى، بل في تصحيح المسار عبر القانون.”




