انعقدت يوم 10 نوفمبر 2025 بدار المحامي بتونس الجلسة العامة الإخبارية للمحامين، وذلك بدعوة من عميد المحامين الأستاذ بوبكر بالثابت، تحت عنوان: “دور المحامي في إجراءات المحاكمة الجنائية: من أجل محاكمة عادلة”. وقد مثّل اللقاء محطة هامة للتداول في واقع المحاكمة الجزائية بتونس ودور الدفاع في ضمان عدالة الإجراءات واحترام الحقوق الأساسية للمتقاضين.
في كلمته الافتتاحية، استعرض العميد بوبكر بالثابت أبرز الصعوبات التي يواجهها المحامون أثناء أداء مهامهم في مختلف مراحل المحاكمة الجزائية، معبّراً عن ضرورة التشاور مع عموم المحامين قصد بلورة مقترحات عملية تُرفع إلى مجلس الهيئة تمهيداً لعرضها على السلطات العمومية. كما جدّد تضامن الهيئة مع المحاميات والمحامين الموقوفين بسبب آرائهم أو أنشطتهم المهنية والمدنية والسياسية، مؤكداً حرصه على سلامتهم ومواصلة الجهود من أجل إطلاق سراحهم في أقرب الآجال.
وقد شهدت الجلسة نقاشاً معمقاً حول الوضع القضائي الراهن وما يطرحه من إشكاليات تتعلق باستقلالية القضاء وضمان حق الدفاع، فضلاً عن العقبات التي تواجه المحامين أثناء زياراتهم للموقوفين والإجراءات الخاصة المرتبطة بمحاكمات الرأي.
وخلصت الجلسة إلى جملة من التوصيات الأساسية التي أكدت من خلالها الهيئة الوطنية للمحامين تمسّكها بالدفاع عن استقلال القضاء وضمان المحاكمة العادلة. وشددت على أن المحاماة التونسية ستظل الحصن المنيع للحقوق والحريات، وأن الدفاع عن المحامين الموقوفين واجب مهني وأخلاقي لا تراجع عنه.
كما دعا المحامون إلى ضمان علنية الجلسات ومثول المتهمين حضورياً أمام القضاء، مع رفض المحاكمة عن بُعد لما تمثله من مساس بحقوق الدفاع، باستثناء الحالات التي يوافق فيها المتهم صراحة على ذلك. وطالبت الهيئة بتطبيق القواعد الإجرائية الأساسية في جميع المحاكم دون تمييز، وبترشيد عدد القضايا في كل جلسة لضمان جودة المحاكمة وتمكين الدفاع من أداء مهامه على أكمل وجه.
من جهة أخرى، عبّرت الجلسة عن رفضها لكل الضغوطات المسلطة على القضاة، داعية إلى سدّ الشغورات في الخطط القضائية العليا واستعادة السير العادي للمجلس الأعلى للقضاء، بما يضمن استقلالية القضاء وشرعية التعيينات.
وفي إطار دعم الشفافية ومراقبة سير العدالة، أعلنت الهيئة عن التوجه نحو إحداث “مرصد للعدالة” يُعنى بمتابعة مدى احترام معايير المحاكمة العادلة ونشر تقاريره الدورية، إلى جانب تكوين لجنة خاصة لإعداد تصور شامل لإصلاح المنظومة القضائية يُعرض لاحقاً على جلسة عامة خارقة للعادة لاعتماده.
واختُتمت الجلسة بالتأكيد على أن المحاماة التونسية ستبقى صمام أمان دولة القانون والحريات، وأن الدفاع عن العدالة واستقلال القضاء سيظل في صميم رسالتها المهنية والإنسانية مهما كانت الصعوبات والتحديات.




