الأخباروطنية

برك الله: ميزانية 2026 “شعبوية” ولا تكرّس الدولة الاجتماعية

الإجراءات الحكومية ما تزال "باهتة ومتكرّرة"، دون رؤية استراتيجية تضمن الأمن الاجتماعي للمواطنين أمام مخاطر المرض والبطالة والعجز والشيخوخة

خلال الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة مشاريع الميزان الاقتصادي وقانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026، انتقد النائب معز برك الله التوجّهات الحكومية، معتبراً أنّ هذه المشاريع جاءت مخالفة لتوجهات رئيس الجمهورية في بناء الدولة الاجتماعية، ومليئة بالثغرات على المستويين الاستراتيجي والاجتماعي.
استهلّ النائب مداخلته بالتأكيد على أنّ الدولة الاجتماعية تقوم على أربع محطات أساسية متتالية حسب الأولوية، غير أنّ الحكومة – حسب قوله – “قلبت الترتيب رأساً على عقب” في مشروعها الحالي.
وأوضح أنّ أولى أولويات الدولة الاجتماعية هي توفير الخدمات الأساسية للمواطن، من صحة وتعليم وسكن ونقل وبيئة سليمة، معتبراً أنّ ما ورد في مشروع الميزانية لا يرقى إلى مستوى هذه المتطلبات، بل اكتفى بـ”تدخلات سطحية وغير استراتيجية”، على حدّ تعبيره.
وأشار إلى أنّ فشل الحكومات المتعاقبة في ضمان الحد الأدنى من العيش الكريم بات واضحاً لدى الشعب، مستشهداً بتأخر عشرات المشاريع التنموية، خاصة في جهة صفاقس، مثل مشروع تبرورة، تهيئة الساحل الجنوبي، المدينة الرياضية، والمترو، قائلاً:”الشعب حفظ أسماء المشاريع المعطّلة عن ظهر قلب، وأكثر من مئتي مشروع متوقّف والدولة عاجزة عن التقدّم فيها.”
وفي حديثه عن الحماية الاجتماعية، شدّد النائب على أنّ الإجراءات الحكومية ما تزال “باهتة ومتكرّرة”، دون رؤية استراتيجية تضمن الأمن الاجتماعي للمواطنين أمام مخاطر المرض والبطالة والعجز والشيخوخة.
وأضاف أنّ غياب العدالة بين الجهات ما زال من أبرز مظاهر الخلل، داعياً إلى مساءلة وزارة التجهيز حول تفاوت الاستثمارات والمشاريع بين المناطق.
كما تطرّق معز برك الله إلى ملف الأجور والقدرة الشرائية، متسائلاً: “عن أي زيادة تتحدثون؟ إذا زاد الأجر بـ100 دينار والمواطن يدفع آلافاً للعلاج الخاص والتعليم والنقل والسكن، فأين العدالة الاجتماعية؟”
واعتبر أنّ تحقيق العدالة الاجتماعية لا يتم عبر رفع الأجور فحسب، بل من خلال إصلاح شامل للمنظومات الصحية والتعليمية والنقل والسكن، بما يضمن كرامة المواطن ويخفّف أعباءه اليومية.
في الجزء الثاني من مداخلته، انتقد النائب ما وصفه بـ”العدالة الجبائية المقلوبة”، مشيراً إلى أنّ الدولة تواصل الضغط الجبائي على الفاعلين الاقتصاديين الملتزمين، في حين تغضّ الطرف عن الاقتصاد الموازي والمتهربين من الضرائب.
وقال: “هناك أكثر من مليون وستمائة ألف مواطن ينشطون في الاقتصاد الموازي، والدولة تعرفهم وتتركهم، بينما تعاقب من يخلقون الثروة وينتجون في إطار القانون.”
وأشار إلى أنّ هذه السياسة أدّت إلى إغلاق المؤسسات العريقة، وهروب رجال الأعمال الناجحين، أو اضطرارهم للتحوّل نحو النشاط غير القانوني، ما يهدّد النسيج الاقتصادي الوطني.
ووصف النائب مشروع الميزانية بأنه “شعبوي يخاطب البسطاء والسذّج”، مؤكداً أنّه لن يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة، بل سيعمّق الأزمة الاقتصادية ويقضي على ما تبقّى من مؤسسات الدولة المنتجة.
وقال “بعدما دمّرنا المؤسسات العمومية الناجحة لدعم العاجزة، نحن اليوم في الطريق نفسه نحو تدمير القطاع الخاص الناجح. نحتاج إلى مشاريع كبرى حقيقية (Mega Projects) تعيد الثقة وتحرك الاقتصاد، لا إلى وعود تستهلك الوقت ولا تُنتج التنمية.”

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى