الأخباروطنية

الطالبي: “ميزانية عادية لدولة غير عادية”لا تعبّر عن واقع تونس التي تعيش «ظروفاً اقتصادية واجتماعية حادّة»

ولا تعكس شعارات الثورة التي قامت على مبادئ «الشغل، الحرية، والكرامة الوطنية»، ولا حتى شعار رئيس الدولة القائم على «التحرر الوطني والسيادة الوطنية والدولة الاجتماعية»

خلال الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة مشاريع الميزان الاقتصادي وقانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026 عبّر النائب الطيب الطالبي عن استيائه من غياب رئاسة الحكومة عن جلسات البرلمان، معتبراً أن هذا الغياب «يعكس مدى جدية الحكومة في تجسيد تطلعات الشعب التونسي».
وقال الطالبي إنّ ميزانية الدولة لسنة 2025 هي «ميزانية عادية لدولة غير عادية»، مؤكداً أنها لا تعبّر عن واقع تونس التي تعيش «ظروفاً اقتصادية واجتماعية حادّة»، ولا تعكس شعارات الثورة التي قامت على مبادئ «الشغل، الحرية، والكرامة الوطنية»، ولا حتى شعار رئيس الدولة القائم على «التحرر الوطني والسيادة الوطنية والدولة الاجتماعية».
وأضاف النائب أنّ مطلب التشغيل الذي كان منطلق الثورة سنة 2011 لا يزال رهين المحسوبية والانتماء السياسي، وأن الفئات المهمشة والمفقّرة بقيت خارج حسابات الحكومات المتعاقبة، مشيراً إلى أنّ الميزانيات السابقة «لم تكن سوى نسخ مكرّرة لما قبل الثورة».
وأكد الطالبي أنّ مقاومة الفساد والمحسوبية لا يمكن أن تتمّ بـ«قوانين بالية تعود لعهد البيان ونصوص اللصوص»، داعياً إلى إصلاح تشريعي شامل يمسّ مجالات الصرف والاستثمار والمياه والغابات، إضافة إلى إعادة هيكلة المؤسسات العمومية التي كانت تضخ مليارات الدنانير في خزينة الدولة قبل الثورة وأصبحت اليوم مؤسسات مفلسة يُراد خصخصتها.
وانتقد النائب مفهوم الدولة الاجتماعية كما ورد في مشروع الميزانية، معتبراً أنّ الاكتفاء بتوسيع قاعدة المنتفعين من المنح الاجتماعية إلى 500 ألف عائلة «معالجة خاطئة»، لأن المطلوب هو محاربة الفقر وتقليص عدد الأسر المعوزة لا زيادتها، وإعادة الاعتبار إلى الطبقة المتوسطة باعتبارها أساس التوازن الاجتماعي والاقتصادي.
وفي سياق متصل، شدّد الطالبي على أن مناخ الاستثمار الوطني والأجنبي يحتاج إلى استقرار سياسي واجتماعي وقضاء عادل، داعياً إلى الابتعاد عن سياسة التخوين والترهيب وشيطنة رأس المال الوطني، لأن «الأيادي المرتعشة لا تصنع التاريخ»، على حدّ تعبيره.
كما نبّه إلى نقص الكفاءات في قطاعات التعليم والصحة والنقل والتجهيز والخارجية، معتبراً أنّ الإدارة التونسية مازالت تعاني من تعقيدات القوانين وضعف الرقمنة وغياب الجرأة لدى المسؤولين، وهو ما يعرقل أيّ إصلاح حقيقي أو نموّ اقتصادي فعلي.
ودعا النائب إلى تحرير العمل وإلغاء نظام التراخيص المعطّل، وتبسيط الإجراءات الإدارية لدعم الباعثين الشبان، مؤكداً أنّ الوظيفة العمومية لم تعد قادرة على استيعاب آلاف العاطلين وأن الحل يكمن في تشجيع المبادرة الخاصة وخلق مناخ اقتصادي محفّز.
وفي ختام مداخلته، وجّه الطيب الطالبي نداءً إلى الحكومة لتوفير نصيب عادل لولاية القيروان من مشاريع التنمية، مشيراً إلى أن الولاية «ثاني أكبر ولاية في تونس» وتستحقّ استثمارات كبرى في البنية التحتية والطرقات والمسالك الفلاحية، معتبراً أن العدالة في التنمية لا تعني المساواة الشكلية بين الجهات، بل «إعطاء كل جهة نصيبها بحسب حاجتها وإمكانياتها».
وختم النائب بالقول إنّ الشعب التونسي «ينتظر تغييرات جذرية في السياسات والمنهج، لا مجرد تغيير في الأشخاص»، مطالباً بحكومة ذات برنامج واضح وأهداف دقيقة وجدول زمني محدد يترجم وعود الثورة إلى واقع ملموس.

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى