
اعتبر الأستاذ الجامعي و الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي، بأن الاقتصاد التونسي، لا يشتغل بكل محركاته، باعتبار أن محرّك الصادرات معطّل تماما، وفق وصفه بل وصفه بأنه أصبح يشكّل عائقا أمام دفع النمو الاقتصادي، نظرا لأن الصادرات بالأسعار القارة تراجعت بصورة ملحوظة (لم تتحرّك الصادرات بالمرة وحافظت على مستواها، 46.4 مليار دينار كما في التسع أشهر الأولى من السنة الماضية). وبالتالي فإن تفاقم العجز التجاري ب 3.2 مليار دينار مرده ارتفاع الواردات بنفس المبلغ (3.2 مليار دينار) من 59.9 مليار دينار خلال التسع أشهر الأولى من سنة 2024 الى 63.1 مليار دينار.
جاء تعليق الشكندالي من خلال تدوينة نشرها على صفحته الخاصة على موقع فايسبوك الأربعاء 15 أكتوبر 2025، شرح فيها أسباب تفاقم العجز التجاري للتسع أشهر الأولى لسنة 2025 : 16.7 مليار دينار مقابل 13.5 مليار دينار في نفس الفترة من سنة 2024
و كشف رضا الشكندالي، بأن تفاقم العجز التجاري يهدد استقرار قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية بما أن تمويل هذا العجز سيكون على حساب الموجودات من العملة الصعبة والمحافظة على الموجودات من العملة الصعبة يتطلّب مزيد اللجوء الى التداين الخارجي وهو ما لا يتوافق مع توجّهات الحكومة فيما سمّته بسياسة الإعتماد على الذات، فتفاقم العجز التجاري يضرب في العمق سياسة الاعتماد على الذات.
في سياق متصل: لم يخفي الشكندالي انزعاجه من تواصل العجز الطاقي في تونس، والذي أصبح يمثّل وقف المعطيات الرسمية نصف العجز التجاري (8.1 مليار دينار)، وهو المتسسب الأول في تواصل الفجوة بين الصادرات و الواردات مما جعل الاقتصاد التونسي يعاني من أزمات متواصلة، مشيرا إلى أن العجز الطاقي يتمثّل أساسا في واردات الغاز من الجزائر، وهذا يعكس مدى ارتباط تونس طاقيا بالجزائر مما يتطلب التفكير بصورة جدية في الانطلاق وفي أسرع وقت في برنامج الطاقات المتجددة حتى نفك هذا الارتباط الخطير.
في المقابل رأى الخبير الاقتصادي، أنه بالتوازي مع تفاقم العجز التجاري هناك ارتفاع في واردات مواد التجهيز (16.2 في المائة) والمواد الأولية ونصف المصنّعة (8.1 في المائة)، مما قد يعطي دفعا للنمو الاقتصادي على المستوى المتوسّط والبعيد عبر محرّك الاستثمار، وفق تقديره.
ولم يغفل رضا لشكندالي، وجود بعض التحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية، حيث أكد أن تونس سجلت خلال هذه الفترة فائضا تجاريا ب7.6 مليار دينار مع ثلاث بلدان وهم فرنسا (4 مليار دينار) وألمانيا (2 مليار دينار)وليبيا (1.6 مليار دينار)، وهو ما أدخل بعض التوازن في الميزان التجاري مؤكدا أن “لولا هذا الفائض التجاري لكان العجز التجاري ثقيل جدا ويقدّر ب 24.3 مليار دينار وهو ما يستدعي مزيد العمل على تطوير العلاقات التجارية مع هذه البلدان”.
ومقابل الفائض الذي سجلته تونس مع بعض الدول الأوروبية وليبيا، كانت معضلة أخرى تتشكل بخصوص التعامل مع دول البريكس، والتي سجّلنا معها عجزا تجاريا يفوق 16.7 مليار دينار، وفق تقدير الشكندالي، وفي حال ضممنا دولة الجزائر إلى قائمة دول البريكس فإن النتائج ستكون سلبية للغاية، حيث سجل الميزان التجاري مع دولة مثل الصين قدر ب 8.3 مليار دينار ومع روسيا ب 3.3 مليار دينار ومع الهند والبرازيل ب 1 مليار دينار لكل منهما ومع الجزائر ب 3.1 مليار دينار. معتبرا أن هذه الدول هي المتسببة الأولى في تآكل موجوداتنا من العملة الصعبة وفي تهديد استقرا عملتنا الوطنية.