
عبّر الصحفي زياد الهاني لتوميديا عن رأيه بخصوص مبادرة “الالتزام الوطني” التي أطلقها الحزب الدستوري الحر، معتبرًا إياها نصًا مهمًا ومتماسكًا يحمل في طياته وعودًا سياسية جدية، لكنه في ذات الوقت، لم يخلُ من “ثغرات” قد تعيق انتشاره وتبنيه بشكل واسع من مختلف الأطراف.
الهاني وصف المبادرة بأنها فرصة “ممتازة” للالتقاء الوطني حول قيم المواطنة والحقوق والحريات، مؤكدًا أن ما يميّزها هو محاولة ترسيخ تصور مدني للدولة، يقوم على احترام الدستور ومبادئ الجمهورية. لكنه في المقابل، اعتبر أن هنالك جوانب في النص تعكس توجهًا نحو الإقصاء، وعدم الانفتاح الكافي على جميع المكونات السياسية، خصوصًا حين يتم التعامل مع بعض الأطراف – كحركة النهضة – بطريقة توحي بأن انضمامها مرهون بشروط مسبقة.
وأضاف الهاني أن المبادرة، في صيغتها الحالية، تغفل الإشارة الواضحة إلى الدولة الوطنية المركزية المستقلة، التي كان يُفترض أن تكون في قلب المشروع الوطني الجامع. كما أشار إلى غياب الالتزام الصريح بكونية حقوق الإنسان، رغم أن الوثيقة تستبطن بعض الإشارات إليها بشكل غير مباشر.
ولفت الهاني إلى أن التجربة التونسية مرّت بمحطات تاريخية كان يمكن أن تُحدث “زلزالًا سياسيًا” إيجابيًا يُعيد ترتيب المشهد، غير أن منطق الإقصاء ظل سائدًا، وهو ما يتكرر – حسب رأيه – في هذه المبادرة.
وشبّه الهاني ما يحدث اليوم بما حدث خلال اتفاق “شرم الشيخ” بخصوص القضية الفلسطينية، حيث تم الحديث عن السلام دون التزام واضح بحلّ الدولتين، مما أفقد الاتفاق مصداقيته. وأعرب عن خشيته من أن تلقى “مبادرة الالتزام للوطن” نفس المصير إن لم تتخلّص من عقلية الإقصاء، وتنفتح بشكل صادق على مختلف الفاعلين السياسيين، حتى من تختلف معهم في المرجعيات.
وأكد الهاني على ضرورة أن يدرك الجميع، أن الخلاف السياسي لا يمنع الالتقاء حول مشروع وطني جامع، يحترم المواطنة، ويؤسس لدولة ديمقراطية حقيقية. مشددًا على أن “الإقصاء المبطن”، كما وصفه، هو ما أفشل المبادرات السابقة، وقد يفشل هذه المبادرة أيضًا إن استمر.