الأخبارسياسة

“الإلتزام الوطني” مبادرة سياسية يعتبرها أصحابها أرضية تفاهم وطني جامع لعودة المسار الديمقراطي

جدل سياسي و مجتمعي تثيره مبادرة "الإلتزام الوطني" بين داعم لها و متخوف من بعض بنودها "الإقصائية"

طرحت اليوم، الأربعاء 15 أكتوبر 2025، مجموعة من الأحزاب السياسية و الشخصيات الوطنية وبعض مكونات المجتمع المدني  مبادرة سياسية جديدة، تحت مسمى “الإلتزام الوطني”،  اعتبرت مبادرة جامعة تهدف لإرساء أرضية توافقية لانقاذ المسار الوطني واستعادة الثقة في دولة القانون و المؤسسات. وذلك في خضم وضع اقتصادي و اجتماعي و سياسي محتقن.

و بحسب تفاصيل المبادرة التى انتظمت اليوم بالعاصمة، يسعى الموقعون على المبادرة إلى التوافق بخصوص عدة نقاط  والتمسك بها أبرزها:

-السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني، ورفض كل الشكال الوضاءة أو الارتهان القرن الخارجية

-سيادة الشعب التي يمارسها عبر انتخاب نمك في الحكم وفق انتخابات حرة و نزيهة وشفافة خاضعة لرقابة قضاء أكفاء و مستقلين .

– النظام الجمهوري الدييقراطي القائم على مبدأ التفريق بين السلط و التوازن بينها و التداول السلمي على السلطة.

-اعتماد حكم مدني قائم على حياد القوات المسلحة و ضامن لحرية الضمير و الفصل بين الدين و العمل السياسي و رفض كل أشكال العنف و التطرف الذي يهدد وحدة الدولة و نسيجها الاجتماعي.

-وضع أسس نظام سياسي يهدف إلى بناء اقتصاد فاعل يحقق الثروة و يوزعها بصفة عادلة بما يمكن من النهوض الاجتماعي الشامل

-حياد الإدارة ومنع اقحامها في الصراع السياسي حفاظا على النظام الديمقراطي والسلم الاجتماعي

-بناء إعلام مستقل ومهني و حر و تعددي يلعب دوره بكل مسؤولية في إطار ترسيخ المسار الديمقراطي.

بحسب بنود المبادرة، يسعى الموقعون على مبادرة “الإلتزام الوطني” إلى تحقيق عدة أهداف من أبرزها وضع منظومة دستورية وقانونية تؤسس النظام حكم جمهوري مدني يقوم على هذا الفصل من السلط والتوازن و يمنع الاستبداد. كما يلتزمون بأسس النظام الديمقراطي ومنها الحق في معارضة الأغلبية الحاكمة. و تعديل القانون الانتخابي حتى يضمن  نزاهة و شفافية العملية الانتخابية ويسمح لمن ينال ثقة الناخبين بحكم البلاد وفق برنامج انتخابي.

كذلك يسعى الموقعون على المبادرة إلى، بناء مؤسسات وهيئات محصنة دستوريا وذاتيا قادرة على إيقاف التجاوزات المحتملة ومقاومة الانفراد بالحكم بما يعزز الأمان السياسي في البلاد. و العمل على مكافحة الفساد وترسيخ الشفافية والمساءلة لكل المسؤولين مهما كانت درجاتهم دون استثناء، مع ضرورة تنقية المناح السياسي من خلال عده أليات قانونية ممكنة ومنها إصدار قانون عضو تشريعي عام لفائدة جميع المعتقلات و المعتقلين من أجل عملهم السياسي و المدني.

كذلك العمل على  إرساء المؤسسات الضامنة للحقوق والحريات وفي مقدمتها المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات مع توفير الضمانات القانونية الكفيلة بحمايتها من أي تدخلات، وتنقية المناخ الاقتصادي والاجتماعي وتشجيع الاستثمار ودعم السلم الاجتماعي بوضع برنامج اصلاحات عاجلة مع خطة إقلاع متوسطة المدى

و بخصوص أراء بعض الموقعين على مبادرة “الإلتزام الوطني” عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري أن هذه المبادرة السياسية هي مبادرو جامعة لكل التونسيين لكل من يسعى للعيش في دولة مدنية تحترم القانون والمؤسسات،و التعايش السياسي بين مختلف المكونات السياسية و الاجتماعية،  عكس ما يتهمها البعض بأنها تحمل بذور إقصاء و تمييز سياسي على مستوى الافكار و المبادئ،  مؤكدا أن أغلب النقاط التي احتوتها المبادرة تمثل قاسما مشتركا بين جميع  أطياف المجتمع التونسي. خاصة في مسائل الحقوق و الحريات و الدولة المدنية وثوابت الجمهورية و المؤسسات الدستورية. كما أكد عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر ثامر سعد أن المبادرة هدفها الوصول إلى حكم ديمقراطي جمهوري مدني يضمن حقوق الانسان العامة و الخاصة لجميع المواطنين سواء كانو أحزابا سياسية أو تنظيمات أو جمعيات مجتمع مدني، في إطار سلمي.

في هذا السياق، و من بين المشاركين في صياغة مبادرة “الإلتزام الوطني” و من الذين دافعوا عليها  القيادي في الحزب الاجتماعي التحرري حسني لحمر حيث  اعتبر المبادرة نتيجة عمل جماعي لعدد من القوى السياسية جاءت كرد فعل على الوضع العام في البلاد الذي يمثل أزمة خانقة على جميع الأصعدة وفق تعبيره، وهي وضعية يعلمها الشعب التونسي جيدا، لذلك ولدت مبادرة “الإلتزام الوطني”  حتى تكون أرضية مشتركة صالحة لمختلف الأطياف التونسية السياسية و الحقوقية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية.

كما اعتمدت القوى المشاركة في بلورة هذه المبادرة على قراءات نقدية ذاتية و موضوعية لمسيرتها السياسية و وضعت المبادرات السابقة نصب أعينها في صياغة هذه المبادرة كي تتجاوز أي اقصاء أو نقص لم تتطرق له المبادرات السابقة.

ومن المنظرين  و المدافعين و عرابي هذه المبادرة، وفق توصيف عدد من المتابعين للاعلان عن مبادرة “الإلتزام الوطني”، نجد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، الذي أشار خلال تدخله لوسائل الاعلام أن هذه المبادرة هي بمثابة عقد اجتماعي يقطع مع التجارب السابقة في الحكم، يكون نابع من الشعب ومبادؤه واضحة للجميع.

واعتبر محفوظ أنه ليس من السهل بلورة مثل هكذا مبادرات سياسية جامعة نظرا لشدة الاختلافات في الرؤى السياسية والاديولوجية، فكان المستوى الأخلاقي من أبرز المسارات التي اعتمد عليها القائمون على المبادرة من خلال وضع القواعد الدنيا للعيش المشترك بين مختلف الأطراف السياسية والمدنية وجمعيات ومؤسسات إعلامية بمختلف توجهاتها في البلاد، ومن هنا يمكن لمختلف أفراد العائلات التونسية أن تعيش تحت سقف التعدد و الحرية.

بينما اعتبر محمد على الغول رئيس لجنة الاعلام والاتصال و عضو هيئة التحكيم في “حركة حق”، أن مبادرة “الإلتزام الوطني” هي التقاء ولقاء بين أطراف مختلفة لكن تجمعها هدف واحد إيجاد أرضية متقاربة تعتمد على نقاط الالتقاء و المشاركة كتونسيين مع تمسك كل طرف بخصوصيته دون الذوبان في خصوصيات الأحزاب الأخرى مع إيجاد أهداف مشتركة تحقق مستقبلا أفضل للتونسيين. تتلخص في برامج اقتصادية وسياسية تدعم موقع تونس في العالم للخروج من الدوامة الحالية والوضع المتأزم الذي يعيشه  الشعب التونسي.

في المقابل اعتبر الصحفي و الناشط الحقوقي زياد الهاني رغم دعمه لهذه المبادرة و توقيعه على المحتوى الذي جاءت به، إلا أنه عبر عن تحفظاته من بعض بنودها و تفاصيلها، باعتبارها تجمع بعض المكونات السياسية والمدنية التي تجمعها أفكار و رؤى معينة و تقصي عائلات سياسية و شخصيات وتنظيمات لا تشترك مع الموقعون على مبادرة “الإلتزام الوطني”، وهو ما من شأنه أن يجعلها نسخة جديدة من مبادرات سابقة أثبتت فشلها و استطاع النظام السياسي الحاكم اجهاضها و تنفير التونسيين منها لذلك وجه انتقاداته لخلو المبادرة من بعض الفصول التي تعبر على انفتاحها على الأطياف السياسية الأخرى و دعا إلى تداركها و جعلها بوابة منفتحة على كل أبناء تونس كي تلقى رواجها لدى النخب و الفئات الشعبية على حد سواء

يذكر أن مبادرة “الإلتزام الوطني”، اشترك في صياغتها و إطلاقها عدد من الاحزاب و المكونات المدنية والحقوقية على غرار الحز الدستوري الحر و حزب الاجتماعي التحريري وحركة حق و مرصد صمود و عضو الشبكة التونسية للحقوق والحريات، إلى جانب شخصيات وطنية و أكاديمية على رأسها الرئيس السابق محمد الناصر و أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري و غيرهم.

 

 

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى