الأخباروطنية

جمعية القضاة تدين “التدخل السافر” للسلطة التنفيذية في الشأن القضائي مما أثر سلبا على سير العمل بالمحاكم

المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين يدعو القضاة لعدم الانجرار وراء تعليمات وزارة العدل وضغوطاتها

أدان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين بشدة، اليوم الثلاثاء 07 أكتوبر 2025، ما وصفه بالطوق والحصار اللذين تفرضهما السلطة التنفيذية ووزارة العدل على القضاء التونسي ومؤسساته والقبضة التسلطية التي تفرضها على القضاة من خلال التحكم في مساراتهم المهنية من أجل إخضاعهم لسلطتها وأوامرها وتعليماتها فيما يُعرض عليهم من قضايا وملفات مما يجعلهم في كثير من الأحيان خارج منطق دولة القانون و مبدا المساواة بين المواطنين. وفق بيان صادر عن الجمعية اليوم.

كما حذرت الجمعية، مما أسمته “التداعيات الخطيرة لتوسع نفوذ السلطة التنفيذية بواسطة وزارة العدل داخل القضاء وسيطرتها عليه بالكامل وما لذلك من دور بالغ السوء في إشاعة مناخات الخوف وعدم الأمان في أوساط القضاة وتأثير مباشر على حسن تطبيق القانون واحترام حياة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم”.

هذا و حملت جمعية القضاة وزارة العدل المسؤولية كاملة في مسألة تردي أوضاع القضاء ومرفق العدالة بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين نتيجة غياب أية رؤية إصلاحية للنهوض بأوضاع المحاكم وتحسين أدائها خدمة للمتقاضين واستبدالها بسياسة التسلط والبطش الأعمى عن طريق العقوبات المشددة والنقل التعسفية لترهيب القضاة والمسؤولين القضائيين بغاية تطويعهم وفرض إملاءاتها عليهم بالقوة.

كما اتهمت الجمعية وزارة الإشراف باستحواذها التام على إدارة المسارات المهنية للقضاة عن طريق مذكرات العمل خلال السنتين الماضيتين التي اتسمت بالسرية وانعدام الشفافية وبالغياب الكامل للضمانات المرتبطة بإدارة تلك المسارات من نشر لقائمة الشغورات وتحديد للمعايير المعتمدة في النقل والترقية وإسناد المسؤوليات القضائية وفتح لباب التناظر حولها والانصات إلى رأي المسؤولين عن المحاكم وتفعيل لمقتضيات المفاضلة الموضوعية وتكافؤ الفرص بين القضاة بما أدى إلى وقوع اخلالات جسيمة، منها:

– حدوث تفاوت كبير في توزيع القضاة بين المحاكم دون مراعاة لاحتياجاتها الحقيقية وحجم العمل بها مما أدى إلى إفراغ بعض المحاكم المعروفة بحجم عملها الكبير من القضاة مقابل إغراق محاكم أخرى بعدد كبير من القضاة يزيد عن حاجتها الحقيقية.

– عدم تسديد الشغور بعديد المناصب القضائية الهامة وإبقاؤها شاغرة إلى الآن مما أربك بشكل كبير انطلاق العمل القضائي بعديد المحاكم وأثر على حسن سير العمل بها وعلى حقوق المتقاضين وآجال التقاضي.

– إدخال تغييرات جوهرية على عديد المسؤوليات القضائية الأولى بعديد المحاكم دون تناظر أو اعتماد على معايير موضوعية مثل الكفاءة والأقدمية وحسن الإدارة  وغيرها.

– إقصاء العديد من قضاة الرتبة الثالثة من ذوي الخبرة والأقدمية والكفاءة المشهود بها من تقلد خطة رئيس دائرة بمحكمة التعقيب أو رئيس دائرة بمحكمة الاستئناف أو ما يعادلهما وإسناد تلك الخطط في العديد من الحالات الواضحة والمشهودة لمن يقلون عنهم أقدمية بعدة سنوات.

– إحداث تغييرات كبيرة بتركيبة دوائر محكمة التعقيب وبكل من محكمة الاستئناف والمحكمة الابتدائية بتونس على مستوى الدوائر القضائية والنيابة والتحقيق والأقطاب القضائية المختصة دون مراعاة لمعيار الكفاءة والأقدمية.

– استعمال مذكرات العمل لمعاقبة عديد القضاة من مختلف الرتب الأولى والثانية والثالثة بنقلتهم إلى محاكم بعيدة عن مقرات سكناهم بشكل تعسفي دون أي مسار تأديبي نزيه وشفاف يبرر ذلك.
– إحداث تغييرات متتالية ولأغراض محددة على نفس الخطط القضائية خاصة على مستوى رئاسة الدوائر الجنائية ومكاتب التحقيق والنيابة العمومية مما أثر بشكل كبير على عنصر الاستقرار بتلك المناصب وعلى مردوديتها ونجاعة العمل بها.
كما عبرت جمعية القضاة التونسيين عن عميق انشغالها وخوفها من انعدام كل ضمانات استقلال القضاء والقضاة بخصوص طعن القضاة المعفيين في قرارات ترسيمهم بالهيئة الوطنية للمحامين أمام محكمة الاستئناف بتونس ومن أن يؤول ذلك الطعن إلى الرفض لمزيد التنكيل بهم بعد عدم الاستجابة إلى مطلبهم في تأجيل المرافعة وبعد حجز القضايا للمفاوضة والحكم إثر رفع الوكيلة الأولى لرئيس المحكمة الجلسة التي كان من المفروض أن تبت في تلك القضايا المعينة بدائرتها ليتولى الرئيس الأول للمحكمة الحلول محلها ورفض مطالب تمديد المرافعة علما وأن الرئيس الأول الحالي لمحكمة الاستئناف بتونس قد تمت ترقيته لهذا المنصب بمذكرة عمل صادرة عن وزيرة العدل دون استيفائه للشروط القانونية بعد أن شغل خطة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بجندوبة لبضعة أشهر فقط وتولى شخصيا ترؤس جلسة البت في القضايا الجزائية لأحد المترشحين للانتخابات الرئاسية ورفض منذ الجلسة الأولى مطالب المحامين التأخير للاطلاع ولأعداد وسائل الدفاع ولم يمكن هيئة الدفاع سوى من بضع ساعات للاطلاع على ملفات تلك قضايا.
وعليه فقد جدد المكتب التنفيذي للجمعية مطالبته السلطة السياسية لمراجعة خياراتها الكارثية في التعامل مع السلطة القضائية التي ثبت فشلها وتسببها في استفحال الأزمة في مرفق العدالة ويحذر من تداعيات الاستمرار في ذلك النهج التسلطي المتعسف والامعان فيه. داعيا القضاة في هذه الظروف شديدة الصعوبة لتحمل مسؤولياتهم وعدم استسهال الانسياق وراء تعليمات السلطة التنفيذية وتوجيهاتها وضغوطاتها.

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى