
نشر الصحفي والناشط الحقوقي زياد الهاني، اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025، تدوينة على صفحته الخاصة بموقع “فايسبوك” هي عبارة عن عريضة مرسلة لرئاسة الجمهورية، لتذكير رئيس الجمهورية بإصداره للأمر عدد 117 لسنة 2021، التى اعتبرها الهاني إجراءات استبدادية، وذلك بمناسبة مرور 4 سنوات على إصدارها.
وجدد الهاني من خلالها مطالبته لرئيس الجمهورية قيس سعيد بمراجعة تلك الإجراءات، معتبرا أن ما نشره، يتنزل ضمن معركته الإعلامية، و”دفاعا عن دولة الحق والقانون والمؤسسات، وعن الحريات العامة وعن حرية الإعلام أساسا باعتبارها بوّابة كل الحريات..”وفق تعبيره.
كما طالب زياد الهاني رئاسة الجمهورية بالإسراع في اتخاذ قرارات تهم إحداث المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري.. قبل اللجوء إلى المحكمة الإدارية وفق نص التدوينة.
وفي ما يلي العريضة التى أرسلها الصحفي والناشط الحقوقي زياد الهاني إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد:
تونس في 22 سبتمبر 2025
الموضوع: مطلب مسبق قبل اللّجوء إلى المحكمة الإدارية
العارض: زياد الهاني – صحفي مصنّـف إرهابيًّا وينتظر إحالته على الدائرة الجنائية المختصة في القضايا الإرهابية لمحاكمته بشبهة ارتكاب جرائم إرهابية تصل عقوبتها للإعدام، وذلك على خلفية قيامه بعمله الصحفي القانوني.
العنوان: حي الصحافة – الغزالة، 2083 أريانة
سيادة رئيس الجمهورية المحترم قيس سعيّد
تحيّة وبعد؛
في مثل هذا اليوم قبل أربع سنوات قمتم بإصدار الأمر عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 والمتعلق بتدابير استثنائية، وهو عبارة عن دستور صغير نصّبتم بمقتضاه أنفسكم حاكما مطلقا للبلاد بسلطات فرعونية، حيث جعلتموه أعلى مرتبة من دستور البلاد وقوانينها. واستنادا له استأثرتم بكل سلطات الدولة بعد أن قمتم بتعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة البرلمانية عن أعضائه، فضلا عن إقدامكم على حل الحكومة بعزل رئيسها. وكلها إجراءات خارقة لدستور البلاد وأساسًا الفصل 80 منه، وتمثل انقلابا عليه رغم القسم الذي أديتموه عند تنصيبكم رئيسا للجمهورية وتعهدتم بموجبه باحترامه والمحافظة عليه.
وتلا ذلك قيامكم بتعطيل تركيز المحكمة الدستورية خلافًا لكل تعهداتكم المعلنة بما فيها تنصيصكم عليها في دستوركم الشخصي الذي صغتموه عكس ما جاءت بع نتيجة الاستفتاء الذي قمتم بتنظيمه وتضمنت دعوة لتعديل دستور البلاد الشرعي لسنة 2014 وليس إلغاؤه وتغييره. إضافة إلى قيامكم بتجميد للمجلس الأعلى للقضاء رغم إعادة صياغتكم لتركيبته طبقا لإرادتكم الشخصية إثر قيامكم بحلّ المجلس الشرعي المنتخب، فضلا عمّا قمتم به من “إخصاء” للمحكمة الإدارية. فضلا عن امتناعكم عن الدعوة لتجديد الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، بما جعلكم تتحكمون بصورة مطلقة في الإعلام العمومي.
وتسببت إجراءاتكم المشار إليها في تحويل القضاء من سلطة طامحة للاستقلالية تتحمل مسؤولية ضمان الحقوق والحريات، إلى وظيفة خاضعة وأداة للتنكيل بكل من يعترض على سياستكم أو ينتقدها أو من لا ترضون عنه من سياسيين وناشطين في المجتمع المدني ومحامين وصحفيين ومدوّنين ورسّامي غرافيتي وغيرهم من أصحاب الرأي مما يضيق المجال بحصره. وكذلك في ترذيل الإعلام العمومي الذي وقع والحيود به عن رسالته وتحويله إلى إعلام رئاسي موظف فقط لخدمتكم ويقصي كل له وجهة نظر مخالفة لكم.
وحيث أن تمسككم بالامتناع عن تفعيل المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، يفسح المجال أمام تواصل انتهاك الحريات فضلا عما يمثله من تهديد خطر داهم لاستقرار البلاد وأمنها في صورة حصول شغور في مستوى رئاسة الجمهورية لعدم وجود بديل دستوري لقيادة المرحلة الانتقالية بسبب غياب المحكمة الدستورية.
وحيث يشكل الوضع القائم ضررا لي كمواطن وكصحفي وكذلك لبلادي التي أقسمت بشرفي وبسلاحي على الوفاء والإخلاص لها، لذا أرجو أن تبادروا بالإعلان عن تشكيل المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية والدعوة لتشكيل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، وإلا سأضطر لرفع دعوى ضدكم في تجاوز السلطة لدى المحكمة الإدارية. ليس لثقة في إمكانية استجابتكم لنداء الواجب الوطني والعقل أو لأمل في أن تتصدى هذه المحكمة لانحرافكم بالسلطة وهي التي كانت ضحية لاستخفافكم بقضاتها وقراراتها، وعجزت حتى عن إعادة قاضيتين لديها قمتم بعزلهما ظلما، رغم إصدارها قرارين لفائدتهما باستعادة موقعيهما في صلبها. وإنما لأني اخترت القانون رغم ضعف قبضته وارتخاء ذراعه سلاحا للتصدي لانحرافات السلطة في بلادي، تماما كما اخترت طوعيا كضابط احتياط في جيشها الوطني، السلاح للتصدي لأي عدوان خارجي قد تتعرض له.
واعتبارا لما حصل مع الأستاذة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر التي ألقيتم بها تعسّفا في السجن فقط لأنها سعت لإبلاغ إدارتكم عريضة ضدكم للمحكمة الإدارية، وكأنها هاجمت القصر الرئاسي مع مجموعة مسلحة لقلب نظام الحكم؛ قررت أن أوجه لكم مطلبي المسبق هذا عبر البريد.
علما بأنه سبق لي القيام بـ23 دعوى في تجاوز السلطة قبل 2011 منها قضايا ضد الرئيس السابق زين العابدين بن علي رحمه الله، فضلا عن قضيتين ضد الرئيس الراحل محمد الباجي قائد السبسي، ولم أضطر لإرسال عريضتي للجهة المطلوبة بواسطة البريد سوى مرة واحدة في ماي 2010 في قضية رفعتها ضد وزارة الداخلية بمعية زميلي صالح الفورتي مدير “إذاعة راديو 6” في إطار النقابة التونسية للإذاعات الحرة التي أسسناها، وذلك لرفضها السماح لنا بالتظاهر القانوني يوم 3 ماي 2010 أمام وزارة الاتصال احتجاجا على التضييق على حرية الإعلام. وهي القضية التي كسبنها في مارس 2011 بإصدار المحكمة الإدارية حكما لفائدتنا سيظل وثيقة تاريخية رسمية تدين التسلط خلال مرحلة حكم معيّنة. فنحن من يصنع التاريخ يا سيادة الرئيس، باستبسالنا في الدفاع عن قيم الحرية والكرامة، مهما كانت التحديات والتضحيات..
وتفضلوا ختاما بقبول فائق التقدير لمقامكم.
زياد الهاني