
دعا الصحفي و الناشط الحقوقي و النقابي زياد الهاني، اليوم الأربعاء 10 سبتمبر 2025، رئيس الجمهورية إلى العودة إلى جادة الصواب، والعمل على رأب صدع الجبهة الداخلية الممزقة نتيجة التنافر المجتمعي، معتبرا أن ما يجرى في تونس بعد الاعتداءات المتكررة على أسطول الصمود و ضعف الرد التونسي ناتج عن ضعف الدولة و مؤسساتها نتيجة حالة التجرذم التى تعيشها.
و قد اعتبر الهاني في تدوينة نشرها على صفحتها الخاصة بموقع “فايسبوك”، تحت عنوان “هل يثوب الرئيس قيس سعيّد إلى رشده؟”، أن الصمت الرسمي للسلطة القائمة، مثير للقلق، بعد البيانين “التائهين” و فق وصفه، الصادرين عن إدارتي الإعلام بوزارة الداخلية وبمؤسسة الحرس الوطني. هو بمثابة عجز عن رد العدوان ، مما ينجر عنه عار سيلاحقنا لأجيال و أجيال وفق تعبيره،
وأضاف زياد الهاني أن المقذوفات التى طالت سفن أسطول الصمود الراسية على بعد أمتار من القصر الرئاسي، هو فشل أمني و تهديد للحياة رئيس الدولة قبل كل شيء، متسائلا في ذات التدوينة: المقذوفات القاصفة كان بالإمكان أن تكون أخطر وأكثر تدميرا… فما الذي يمنع من أن يستهدف رُماتها قلب قصر قرطاج نفسه، بما يجعل الرئيس قيس سعيّد هدفا سهلا لها.”
واستنتج الصحفي زياد الهاني ان الرد الرسمي الباهت أعطى نتيجة للعالم بأننا” نحن دولة ضعيفة ومطلوب منا أن نعي هذه الحقيقة المرة ونعمل على تغييرها.” و انه لا يمكن” لأي تغيير أن يحصل في وضعنا، في ظل تناحر داخلي تغذيه الأحقاد التي تنفخ في سعيرها الشعبوية والشبق السلطوي المستند على عصا الترهيب والإذلال..”.
وعليه حمل الهاني مسؤولية الاوضاع التى تعيشها البلاد إلى رئيس الجهورية و حكومته، مطالبا في ذات الوقت بالتفكير مليا في تغيير المسار الحالي، والعودة إلى المسار الديمقراطي مع إرساء المؤسسات الدستورية على رأسها المحكمة الدستورية و والمجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وغيرها من المؤسسات وإطلاق سراح المعارضين بمختلف أطيافهم وإنجاز مصالحة وطنية عن طريق حوار وطني جامع لا مكان فيه للإقصاء و الترذيل.
وفي ما يلي التدوينة الرسمية للصحفي و الناشط الحقوقي و النقابي زياد الهاني:
هل يثوب الرئيس قيس سعيّد إلى رشده؟
بعد القصف الليلي الذي استهدف مساء الإثنين السفينة “فاميلي” كبرى سفن أسطول الصمود المتجه إلى غزة، امتدّت يد العدوان الغاشم للمرة الثانية مساء أمس الثلاثاء لتقصف السفينة “ألما”، في ظل صمت رسمي مثير للقلق، بعد البيانين “التائهين” الصادرين عن إدارتي الإعلام بوزارة الداخلية وبمؤسسة الحرس الوطني.
طبعاً سيجد الراغبون في السخرية من ما حصلَ حصلْ، وهو مسيء لنا جميعا. لأن عار العجز في الردّ على العدوان سيلحق تونس، أي سيلحقنا جميعا، وكل الأجيال التي ستلينا جيلا بعد جيل..
من المهم الآن المرور إلى الاستنتاج واستخلاص العِبر.
المقذوفات القاصفة كان بالإمكان أن تكون أخطر وأكثر تدميرا.. وطالما أنها ضربت سفينتي أسطول الصمود بدقة في حوض ميناء سيدي بوسعيد على بعد عشرات الأمتار فقط من القصر الرئاسي بقرطاج الواقع على البحر، فلا شيء يمنع من أن يستهدف رُماتها قلب قصر قرطاج نفسه بما يجعل الرئيس قيس سعيّد هدفا سهلا لها، وهو المنبوذ دوليا حسب رأيي بسبب استهدافه للحريات وتنكيله بمنتقديه ومعارضيه بواسطة مؤسسات الدولة التي قام بتركيعها وجعلها خاضعة له.
الحقيقة في تقديري واضحة ولا يمكن أن تغطيها نرجسيتنا المريضة وشعار بلد الثلاثة آلاف سنة حضارة الذي نلوكه كالحمقى بغرور، والحال أننا في دركها الأسفل.
نحن دولة ضعيفة ومطلوب منا أن نعي هذه الحقيقة المرة ونعمل على تغييرها.
لا يمكن لأي تغيير أن يحصل في وضعنا، في ظل تناحر داخلي تغذيه الأحقاد التي تنفخ في سعيرها الشعبوية والشبق السلطوي المستند على عصا الترهيب والإذلال..
نحن بحاجة إلى مصالحة وطنية عاجلة تخلي السجون من القادة السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والصحفيين والمدونين وأصحاب الرأي المغضوب عليهم من سلطة الاستبداد ورجال الأعمال المحتجزون بغاية الابتزاز، وتفسح مجال العودة أمام المنفيين قسرا هربا من البطش بهم في بلادهم، وترفع الظلم عن المظلومين وفي مقدمتهم القضاة الذين تم عزلهم والتنكيل بهم خارج نطاق القانون ودون ذنب ارتكبوه..
نحتاج مصالحة حقيقية ومؤتمرًا جامعًا للحوار الوطني لا إقصاء فيه، يغلق باب الفتنة والاحتراب والارتهان للمطامع الأجنبية..
نحن في حاجة إلى كف رئيس الدولة عن المماطلة والتهرب من القيام بواجبه الدستوري، بتركيز عاجل للمحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، فنصوصها القانونية جميعا جاهزة ولا تنتظر سوى التفعيل..
نحن بحاجة إلى أن نعي جميعا بأننا أخطأنا جميعا في حق بلدنا، وأنّ قيس سعيّد ما هو إلا نتاج لأخطائنا وإن زاد في الطين بلّة..
الوحدة الوطنية هي الصمام الوحيد لنجاة بلادنا وإعادة ألقها الدولي الذي فقدته، فهل سيجرؤ الرئيس قيس سعيّد على قطع حبل أوهامه والتخلي عن سعيه لإقامة نظام حكم استبدادي شعبوي على قياسه، ليثوب إلى رشده؟..
عليه أن يعي بأن هذه المرحلة الدقيقة والصعبة تستلزم وقفة كل القوى الحية للبلاد ومن ضمنهم الرموز الذين زج بهم ظلما في السجن، عوض الارتهان لشبكة المتمعشين والمتملقين المحيطين به والمهللين لسياسته التي تقود البلاد زقفونة للخراب، طمعًا في فتاتِ سلطةٍ يلقيه لهم..
تونس تحتاج منابرها الإعلامية الحرة إلى صولات برهان بسيس ومحمد بوغلاب ومراد الزغيدي وسنية الدهماني وسفيان بن حميدة وهاجر بوجمعة وكوثر زنطور وهيثم المكي وزينة الزيدي وغيرهم من الممنوعين من الصرف في زمن العلوّ الشاهق، قبل أن يغزوها التافهون والوصوليون المتسلقون..
وفي انتظار أن يدرك الرئيس قيس سعيّد حجم الخطر الذي يحيق بالبلاد وبه شخصيا، أدعوه إلى تجنب التحول إلى قصر قرطاج قبل تركيز التجهيزات الدفاعية المتطورة والدقيقة المضادة لسلاح الطائرات المسيرة حوله وحول كل المؤسسات السيادية للدولة، وأساسا مقرات القيادات العسكرية والأمنية..
وإذا كان من معركة لاسترداد الديمقراطية التي خان الرئيس قيس سعيّد الأمانة واغتصبها، فنحن من يخوضها ضده كي نستحقها، وليس الأجنبي كائنا من يكون…