الأخبارحقوق

الجعيدي : عدد المساجين حاليًا 32 ألفًا أي بزيادة تُناهز 11 ألفًا خلال فترة وجيزة

دون أن يقابل ذلك أي تطور يُذكر في طاقة استيعاب المؤسسات السجنية أو ظروف الإيداع

أكد القاضي عفيف الجعيدي مساء اليوم من خلال تدوينة نشرها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك  أن الطاقة الاستيعابية القصوى للسجون التونسية، وفق المعايير المحلية، لا تتجاوز 17 ألف سجين. ورغم أن عدد المودعين بالسجون قبل 25 جويلية 2021 كان في حدود 21 ألفًا، فإن المؤشرات في تلك الفترة كانت توحي باتجاه هذا العدد نحو التراجع، نتيجة التراكم التدريجي لمقترحات الإصلاح، والوعي المتزايد بأهمية تقليص اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية وفق تعبيره.
و أشار الجعيدي أن هذا المنحى لم يدم طويلًا. فقد بلغ عدد المساجين حاليًا 32 ألفًا، أي بزيادة تُناهز 11 ألفًا خلال فترة وجيزة، ودون أن يقابل ذلك أي تطور يُذكر في طاقة استيعاب المؤسسات السجنية أو ظروف الإيداع مؤكدا أن القراءة الوحيدة الممكنة والواضحة لهذا التطور تجد سندها في ثلاث ملاحظات أساسية حيث أُقرت بعد 25 جويلية حزمة من النصوص القانونية، أهمها المرسوم عدد 54 ومرسوم الاحتكار، التي تتسم بطابع زجري صارم، وسّعت من دائرة التجريم وأدخلت المواطن في علاقة يومية مهددة مع القضاء الجزائي. وقد أثبتت التجربة أن هذه النصوص لا تُطبق فقط على سلوكيات خطيرة تمسّ بالأمن، بل طالت أيضًا حرية الرأي والتعبير وحتى النقد السياسي على حد قوله.
كما صرح الجعيدي أنه برز في الممارسة تطبيق مُكثّف للتتبعات في جرائم مثل “نسبة أمر موحش لرئيس الجمهورية”، وهي تهم مطاطة تستعمل في مواجهة المعارضين أو المنتقدين، وتُدرج ضمن سياسة تجريم التعبير تحت عنوان الحفاظ على هيبة الدولة. هذا النوع من القضايا يساهم بشكل مباشر في تغذية عدد الإيقافات وتضخم عدد المودعين وفق قوله.
مشيرا أن القضاء الجزائي أداة مركزية في إعادة تشكيل المجال السياسي والاجتماعي، حيث يُستعمل كوسيلة لـضبط الرأي العام وتوجيه الخطاب الجماعي نحو الصمت بدل التعبير، والانضباط بدل المشاركة. وكلما تم التوسع في استعمال العقوبات السالبة للحرية لأغراض رمزية أو سياسية، كلما أصبح الاكتظاظ السجني نتيجة حتمية لا يمكن معالجتها إلا بتغيير المسار.
و أشار الجعيدي أن ما نعيشه اليوم هو وضع استثنائي لم يُبنَ على ضرورة أمنية حقيقية، بل على تحوّل عميق في الفلسفة العقابية قائلا :”لقد نجحت الدولة، فعليًا، في صناعة الخوف عبر تكثيف العقوبات، لكنها في المقابل عمّقت أزمة ثقة المواطن في العدالة و أزمة شروط الإيداع داخل السجون المكتظة الى جانب أزمة وضوح العلاقة بين الدولة والحريات”.

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى