بين معارضته وتأييد الأحكام القاسية بسببه.. مصير المرسوم 54 إلى أين؟
المتضررون من المرسوم 54 كثر والإحصائيات غير مستقرة على أعداد ثابتة بل ترتفع و تنخفض بحسب الأحكام الصادرة ضد الموقوفين, و حالات التوقيف والسراح أو حسب مراحل التقاضي. فبينما أشارت بعض الإحصائيات إلى أن من حُكم عليهم بموجب المرسوم المذكور تجاوز 60 شخصًا. يقبع حوالي 40 منهم حاليا في السجون. بينهم صحافيون ومحامون وسياسيون.
المرسوم عدد 54 لسنة 2022 والمؤرخ في 13 سبتمبر 2022 ، والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال. أصدره رئيس الجمهورية قيس سعيّد في إطار التدابير الاستثنائية التي طبقها عقب ما سمي بتصحيح المسار في 25 جويلية 2021
يتكون المرسوم من خمسة أبواب كبرى و أقسام فرعية، تحتوي جميعها على 38 فصلا. و ويبقى الفصل المثير للجدل من بين الفصول 38 التى احتواها المرسوم 54 هو الفصل 24.
من وجهة نظر السلطة، يهدف المرسوم 54 إلى مكافحة المعلومات والشائعات الكاذبة على الإنترنت. من أجل جعل الوضع العام في البلاد مستقرا ولا يمكن لأحد أن يتعدى على حقوق أحد وفق تصورها.
في المقابل تراه النخب السياسية والإعلامية والحقوقية ضربا لحرية التعبير و الرأي و تهديدا واضحا للحقوق و الحريات بل و مصادرة لها. خاصة بالعودة إلى دستور 2014 الذي كفل الحريات أوسع نطاقها وفق معارضي المرسوم 54. الذين اعتبروا أن دستور 2022 هو أيضا لم يغفل المسألة الحقوقية و دعم الحريات العامة.
ورغم كل هذه التطمينات التى تضمنها الدستور الحالي (2022) الذي كتبه و قدمه و نشره في الرائد الرسمي رئيس الدولة قيس سعيد بنفسه. إلا أن الصحافيون والناشطون الحقوقيون والسياسيون والمدنيون في تونس يعيشون منذ إصداره. و قبل ذلك منذ ظهور المرسوم 54 في قلق مستمر وسط إحكام السلطة قبضتها على كامل الصلاحيات التشريعية و التنفيذية و القضائية.
المتضررون من المرسوم 54 كثر والإحصائيات غير مستقرة على أعداد ثابتة بل ترتفع و تنخفض بحسب الأحكام الصادرة ضد الموقوفين, و حالات التوقيف والسراح أو حسب مراحل التقاضي. فبينما أشارت بعض الإحصائيات إلى أن من حُكم عليهم بموجب المرسوم المذكور تجاوز 60 شخصًا. يقبع حوالي 40 منهم حاليا في السجون. بينهم صحافيون ومحامون وسياسيون.
من جهتها أكدت وحدة الرصد بنقابة الصحفيين التونسيين، أنّه إلى حدود شهر جوان سنة 2024 أحيل حوالي 51 تونسيًا على القضاء بين موقوف ومسجون ومحالٍ بحالة سراح على معنى المرسوم 54، منهم 11 شخصًا يعملون في قطاع الإعلام والصحافة وأضاف تقرير وحدة الرصد بالنقابة السنة الفارطة شهدت .
وتؤكد وحدة الرصد أن السنة الفارطة شهدت الصحافة التونسية وضعا استثنائيا للصحفيين اتسم بتصاعد التهديدات ضد حرية الصحافة. إذ تمت إحالة الصحفيين على خلفية أعمالهم الصحفية في 39 مناسبة.بـ قوانين زجرية مثل قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال، ومجلة الاتصالات، والمجلة الجزائية والمرسوم 54.
بينما أصدر القضاء خلال السنة المنقضية، وفي سابقة خطيرة، 5 أحكام بالسجن في حق صحفيين ومعلقين، وتمت هذه الاحالات على غير معنى المرسوم 115 المنظم للمهنة الصحفية.
أما منظمة العفو الدولية و منظمة هيومن رايتس ووتش فقد أصدرت بيانا مشتركا في 30 ماي 2024 أكدت فيه أن أكثر من 70 شخصًا، تعرضوا للملاحقات القضائية, بينهم معارضون سياسيون ومحامون وصحفيون, ونشطاء مدافعين عن حقوق الإنسان ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي, وفق ما جاء في البيان
موقع توميديا تواصل مع بعض الفاعلين السياسيين من المعارضين للمرسوم بمن فيهم ناشطين حقوقيين و سياسيين و إعلاميين و مدونين و أيضا من المساندين للمرسوم.
نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار تحدث عن المبادرة التشريعية التى تقدم بها مجموعة من النواب بطلب استعجال النظر في تنقيح المرسوم 54 وقد بلغ عدد النواب الممضين عليها حوالي 60 نائبا. وقد ثمنت نقابة الصحفيين هذه المبادرة باعتبارها خطوة في الطريق الصحيح خاصة في فصليه 24 و 25 والذين احتوى على عقوبة سجنية. إلا أنه وقع تعطيل هذه المبادرة في شهر فيفري من السنة الماضية. ولم يقع إحترام الدستور في فصله 63 والذي يعطي أحقية لمجموعة من النواب يصل عددهم لـ 10 يصبح من حقهم تقديم مبادرة تشريعية وتعرض على إحدى اللجان لصياغتها و تمريرها للجلسة العامة. ولم يتم إحترام أيضا النظام الداخلي الذي أقره النواب وأشرف عليه رئيس البرلمان في إطار الفصلين 73 و و 123 والذين يتعلقان بالمبادرات التشريعية.
و في هذا الصدد اتهم دبار صراحة رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة بعرقلة كل المبادرات التى تصب في هذا الشأن لأنه وفق تقديره” يعتبر المؤسسة التشريعية مزرعة خاصة والبرلمان وزارة ملحقة به”. متسائلا كيف لرئيس البرلمان أن يعرقل مبادرة تقدم بها 60 نائبا و متقدمين بطلب استعجال النظر ورغم ذلك يتم التعطيل. و “كأن المرسوم السياسي قرآن منزل مجرم من يفكر في تنقيحه” وفق تعبير دبار.
وأشار نقيب الصحفيين لتوميديا أن وجود المرسوم سيء الذكر, وفق وصفه. ينسف كل ادعاءات السلطة بضمانها للحقوق و الحريات والدفاع عن تلك المبادئ, وبالتالي ينسف جزء كاملا من الدستور الذي “لم يكن يوما ضامنا للحريات باعتبار أن الجهة التي أصدرته و هي رئاسة الجمهورية هي نفس الجهة التي أصدرت المرسوم 54” الذي تلاحق وفقه كل الناشطين من شتى المجالات.
في ذات السياق وجه دبار سؤالا للسلطة الحاكمة:
هل تؤمن السلطة الحاكمة حقا بالحرية و الرأي المخالف أم ما يصدر عنها مجرد كلام مسترسل”. وكيف تكيل بمكيالين عندما تمنح الحرية لما وصفهم “بـ أبواق السلطة” في توجيه الاتهامات و مهاجمة المعارضين بسبهم ونعتهم بأبشع التهم و التحريض عليهم في مقابل ملاحقة كل من ينتقدها أو يغرد خارج سربها.
من جهته أكد عضو جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات غيلان الجلاصي أن الجمعية تتابع عن كثب الجدل الناتج عن تفعيل المرسوم 54 منذ صدوره إلى اليوم . حيث كان أغلب ضحاياه من السياسيين في البداية, ليتوسع ويضم طلبة و حقوقيين وحتى مواطنيين عاديين. هذا المرسوم يقمع بصفة لا تقبل الجدل كافة الحقوق والحريات. يضيف الجلاصي, ومع الوقت أصبحت الإنتهاكات سياسة ممنهجة, ويبرز الفصل 24 من هذا المرسوم كسيف مسلط على كل نفس حر يحاول التعبير عن وضع ما أو ينتقد تصرف معين للسلطة الحاكمة.
ويضيف الجلاصي:
في جمعية تقاطع نعتبر أن وضع هذا المرسوم كان لغايات سياسية بحتة هدفها ضرب الحقوق والحريات وتجريم الرأي المخالف للسلطة القائمة و تكميم الأفواه” من خلال ترهيب أي شخص معارض بواسطة الأحكام المسلطة و القاسية التى نص عليها ذلك المرسوم. مما يكرس العودة الدكتاتورية و سياسة الراي الواحد التي قضت عليها الثورة بعد 20211.
ويشير عضو جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات أنه وفق الإحصائيات التي جمعتها مؤسسته الحقوقية ومتابعتها عن كثب, هناك حوالي 50 حالة رصدتهم أغلبهم نشطاء سياسيين ومدنيين وحقوقيين وإعلاميين و مدونين و مواطنين عاديين. مضيفا أنه بالرغم من أنه يوجد قضايا أخذت حيزا إعلاميا كبيرا لأن أصحابها من أبرز الشخصيات العامة المعروفة على غرار الإعلاميين سنية الدهماني و مراد الزغيدي و برهان بسيس وغيرهم من النشطاء, إلا أن هناك من اكتوى بهذا المرسوم من أناس عاديين بسبب نشر أو إعادة نشر محتوى على مواقع التواصل الإجتماعي أو كتابة تعليق عادي وقع مقاضاته على معنى المرسوم 54.
المرسوم 54 أصبح العنوان الأبرز الذي يميز فترة ما بعد 25 جويلية 2021. وهو الأداة المفضلة للسلطة لضرب و تركيع معارضيها. في ظاهره هو أداة قانونية لمكافحة الجرائم الإلكترونية والاتصالية و باطنه وحقيقته هو مرسوم لمكافحة حرية الرأي و التعبير.
بدوره أكد الأمين العام لحزب التيارالديمقراطي نبيل الحاجي لتوميدا أن كلمة السر في المرسوم عدد 54 هو الفصل الـ24 والذي يستهدف أي شخص وخاصة من المعارضين ينشر رأيه أو يعبر عنه بكل حرية عبر شبكات التواصل الإجتماعي أو وسائل الإعلام يجد نفسه ملاحقا من قبل السلطة السياسية. والفصل المذكور لم يستهدف فقط السياسيين على كثرتهم بل استهدف المعارضين من كل المشارب ناشطين حقوقيين و نقابيين و إعلاميين ونشاط من المجتمع المدني ومواطنين عاديين لم يستثني أحدا.
السلطة السياسية التى أصدرت المرسوم لم تكن هي الطرف الذي يستغل المرسوم ضد معارضيها. بل أطلقت أذرعها و أجهزتها. لتقدم شكايات ضد خصومها لدى المحاكم و القضاء يتولى تطبيق المرسوم. وكمثال على ذلك نجد أن بعض من حوكم يكون الطرف الشاكي إما هيئة الإنتخابات أو النيابة العمومية أو إحدى الوزارات أو يمكن أن يكون المشتكي مواطن عادي من الموالين للسلطة القائمة. وبذلك يظهر بالكاشف أن السياسة الجزائية للبلاد توغل في استعمال المرسوم 54 للتضييق على الحقوق والحريات. واستعمال القضاء و تطويعه لتنفيذ هذه السياسة.
واستغرب نبيل حاجي تصريحات بعض النواب الداعين إلى بقاء هذا المرسوم إلى ما بعد الإنتخابات كي يختفي كل صوت معارض و يقع ترهيب أي مخالف للحكم و يقع تطويع الجميع. مؤكدا في هذا الصدد أنه “لا ضاع حق وراءه طالب” مثنيا على مساعي بعض النواب لإيجاد حل لتنقيح هذا المرسوم من خلال تكرار محاولاتهم لإدراج مشروع قانون التنقيح على الجلسة العامة من خلال القنوات الشرعية و الرسمية للنظام الداخلي للمجلس.
وفي سياق متصل دعا الحجي كافة أطياف المجتمع من سياسيين و نقابيين وإعلاميين ومواطنين إلى عدم إسقاط راية النضال و مواصلة الجهود المشتركة من أجل إسقاط المرسوم 54 الذي تفرضه السلطة دون موجب حق.
و ختم نبيل الحجي بسؤول وجهه لرئيس الجمهورية قيس سعيد ” لو أن المرسوم 54 قبل وصولك للسلطة. هل كنت تستطيع توجيه كمية الانتقادات لمن حكم قبلك وكنت تنتقل من منبر إعلامي إلى آخر و تنتقد الجميع بأقذع العبارات.. في المقابل لم يتعرض لك أحد بسوء أو بمحاكمة.” مقدما نصيحته لسعيد “السلطة لا تدوم لأحد لأنه لو دامت لغيرك لما وصلت إليك لأن الحق دائما هو من ينتصر و سينتصر الحق و يُلغى المرسوم 54”.
كما كان لتوميديا لقاء خاص مع المحامي نافع العريبي عضو هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي حيث أشار إلى أنه في حال وضع المرسوم عدد 54 في علاقة باتفاقية بودابست لسنة 2001 والمتعارف عليها قانونا وإعلاميا بالاتفاقية المتعلقة بالجرائم الإلكترونية والتي اتخذها مجلس أوروبا كمرجع قانوني لمكافحة الجريمة الإلكترونية.
ويضيف العريبي أنه:
كي تستطيع تونس حينها الإنخراط والمصادقة على هذه الاتفاقية كان يتوجب عليها أن تحتوي المنظومة القانونية التونسية قانون محلي مشابه. و في تونس كان القانون الذي يجرم الجريمة الإلكترونية أو القرصنة الإلكترونية كان الفصل 199 مكرر و 199 ثالثا من المجلة الجزائية و هما النصان الوحيدان اللذان وقع سنها سنة 2008 و يخصان الولوج والبقاء داخل الأنظمة المعلوماتية .
ويوضح المحامي نافع العريبي بأنه في ذلك الوقت لم تكن الجريمة الإلكترونية في تونس منتشرة مثلما هو الحال الآن. ضف على ذلك أن القانونان كان قاصرا من ناحية شمول كل الجرائم. كما أنهما لم يقع التداول فيهما لعدم وجود إحالات قانونية بموجب تلك الجرائم. لذلك ارتأت الدولة التونسية اتخاذ نص قانوني جديد يجرم الجريمة الإلكترونية وهو المرسوم عدد 54 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 .الذي أسال حبرا كثيرا مؤخرا بسبب ضرب لحرية التعبير والرأي. عندما جرم في فصله الـ 24 ما سماه المشرع التونسي بث الأخبار الزائفة و الإشاعات والذي يفرض عقوبة مضاعفة عندما يتصل الأمر بموظف عمومي .
واعتبر العريبي أن الفصل (24 ) مسقط بأتم معنى الكلمة. لأنه رغم سن الفصل في فترة الإجراءات الاستثنائية, كان من الضروري بعد انتخاب برلمان للدولة تنقيحه أو تعديله أو إلغاؤه .
أما من زاوية القانون الدولي والاتفاقيات الدولية يقول عضو هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري الحر أن المرسوم 54 بمجمله هو في تناغم تام مع اتفاقية بودابست إلا أنه أسقط فيه الفصل 24 من المرسوم.لأن بنود إتفاقية بودابست تخص تجريم المحتوى ولكن الفصل 24 من المرسوم 54 لا يخص المحتوى. كما أن إطار تجريم المحتوى ليس الفصل 54 بل نصوص قانونية أخرى. و بث الإشاعات و الأخبار الزائفة إطاره المرسوم 115.
و بهذه الكيفية يجزم العريبي:
خرجنا عن صيغة التناغم مع روح اتفاقية بودابست”. لأن ديباجة تلك الإتفاقية تنص على أن الدول الموقعة عليها (وتونس إحداها و صادقت عليها في فيفري 2024 ) تأخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالحقوق والحريات, مثل اتفاقية مجلس أوروبا و معاهدة الأمم المتحدة المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية التي تحتوي المادة 19 التي تحمي حرية التعبير بشكل شامل. وهو ما نص عليه الفصل الثاني من المرسوم 54 ومن هناك يصبح هذا المرسوم في إشكال قانوني وتضارب حقيقي مع القانون الدولي وتحديدا اتفاقية بودابست التي تشدد على تجرم المحتوى الإلكتروني في حالة واحدة في المادة الـ9 منه, وهو المحتوى الإباحي الخاص بالأطفال و القصر.
رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي من جهته أكد أن البلاد مازالت تراوح مكانها بخصوص سحب المرسوم 54 حيث لا يوجد تجاوب لا من السلطة التنفيذية أوالتشريعيّة، رغم تعدّد المطالب بسحبه أو تنقيح بعض فصوله التي تمسّ من حرية الرأي والتعبير والصحافة و المعطيات الشخصية خاصة في الفصل 24.
واعتبر الطريفي أن السلطة التنفيذية لا تُحرّك ساكنًا تجاه كلّ المطالب المتأتية من عدة أطراف من منظمات وطنية ومجتمع مدني و نواب ونشطاء سياسيين و حقوقيين. جميعها تطالب بسحبها أو على الأقل تنقيحه. بسبب ما ترتب عنه من إحالات و سجن المواطنين و الصحفيين و السياسيين و المحامين. متعهدا بمواصلة النضال و المطالبة بسحب هذا المرسوم المثير للجدل.
و شدد بسام الطريفي على عدم دستورية هذا المرسوم كما أنه غير مطابق للمعاهدات الدولية. وهو مخالف للمبادئ التي رفعتها الثورة والمتمثلة خاصة في الحرية و العدل. مجددا طلبه بإطلاق سراح كل من تم سجنهم وفق هذا المرسوم, والذهاب نحو تهدئة شاملة على مستوى الحقوق والحريات.
أما النائب البرلماني محمد على وهو أحد الداعمين لتجديد عرض المرسوم 54 على جلسة عامة بهدف تعديله, فقد أكد لتوميديا على هامش حضوره الندوة التي خصصت لمناقشة المرسوم بمقر نقابة الصحفيين التونسيين أن المرسوم 54 لابد أن يقع تعديله ليتحول إلى قانون, باعتبار صدوره في ظروف استثنائية, وبما أنه وقع انتخاب سلطة تشريعية فمن المفترض أن تتحول كل المراسيم إلى قوانين باعتبارها تملك قوة نفاذ وفق تعبيره.
وأضاف محمد على أن أكثر فصل يعنيه التنقيح من الفصول الـ 38 من المرسوم هو الفصل الـ24 بالإضافة إلى تعديلات جزئية أخرى كي يتناسب هذا المرسوم مع بنود وفصول اتفاقية بودابست من جهة. ولحماية كل من يقع تتبعه بعدد من التهم خاصة تلك التي لا تتناسب مع حقوق الإنسان وحرية التعبير.
وفي ما يخص الجرائم السيبرانية والمعلوماتية واتفاقيات تبادل المجرمين في هذا الخصوص مع الدول الأخرى. اعتبر النائب محمد على أن المرسوم 54 به “ضعف قانوني” يجعله لا تتناسب مع مقتضيات تطور الواقع الحالي.
كما ضدد النائب بالبرلمان تأكيده للانعكاسات السلبية الكثيرة التي خلفها المرسوم 54 خاصة على المناخ السياسي و الحقوقي, وخلق نوعا من الرقابة الذاتية لدى الصحفيين و ضعف في المطالبة بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية خاصة لدى الفئات المهمشة التي تخشى تبعات هذا المرسوم وتجريم أي نفس مطلبي.
يًجمع أغلب التونسيات والتونسيين بمختلف أطيافهم على أن مكسب الحرية وخاصة حرية التعبير من أبرز المكاسب التي منحتها الثورة التونسية لشعبها، و التي لا يمكن بحال من الأحوال التنازل عليها تحت أي ظرف من الظروف. رغم أنها باتت على المحك بل ويذهب البعض إلى كونها تعيش على حافة الاضمحلال بسبب ما اعتبر تدهورا خطيرا تشهده حاليا البلاد على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي خاصة إثر إعلان رئيس الدولة في 25 جويلية 2021 الحالة الاستثنائية وحل البرلمان وإلغاء الدستور، والاستحواذ الشامل على كافة اختصاصات السلطة التشريعية، والتنفيذية والقضائية الشيء الذي مكنه من إصدار عدة مراسيم في مجالات مختلفة. ويبقى المرسوم 54 من بين أخطر تلك المراسيم. ورغم تحول الفراغ الذي اتسمت به البلاد بُعيْد إعلان الإجراءات الإستثنائية.