الأخبارحقوق
دليلة مصدق: “لن أغفر مهما حييت لمن أعادنا الى مربع السجون وفتح جروح الماضي بكل صفاقة ودون ضمير”
المحامية دليلة بن مبارك مصدق تؤكد أن زياراتها للقادة المعارضين السجناء والعناء و المتاعب التى تتعرض لها تذكرها بما تعرضت له أسرتها من تضييقات و معاناة خلال زيارتهم لوالدها السجين السياسي عزالدين الحزقي

تطرقت المحامية دليلة بن مبارك مصدق الأربعاء 04 جوان 2025, في تدوينة لها, إلى زيارتها للمعتقل السياسي رضا بلحاج الذي وقع نقله إلى سجن سليانة, حين تذكرت زياراتها لوالدها حين كان معتقلا سياسيا منذ عقود, ما جعلها تعيش مشاعر المحامية الحالية التى تزور منوبها و الطفلة الصغيرة التى تزور والدها لكن ما يجمع الحالتين “الظلم و الاستبداد السياسي” وفق تعبيرها.
و سردت بن مبارك مصدق رحلة زياراتها المتعبة, مع القيود التى تضعها إدارة السجون عند محاولة اللقاء بكل من السجناء السياسيين المعتقلين, عصام الشابي وغازي الشواشي بالإضافة إلى رضا بلحاج, والمعاناة التى تتكبدها شبيهة بتلك التى كانت تتعرض لها عند مرافقتها لوالدتها و شقيقها جوهر لزيارة عزالدين الحزقي. مشيرة إلى العراقيل التى تضعها إدارة السجون أمام زيارة السجناء السياسيين.
وهذا نص التدوينة:
كيف يمكنني وصف هذا اليوم الذي اختلطت فيه مشاعر المحامية والصديقة للمعتقلين السياسيين بالطفلة الصغيرة التي كانت تزور والدها!!!
بعد سجن سليانة الذي زرت فيه الصديق المعتقل السياسي رضا بلحاج والذي حدثني مطولا على حديقته الصغيرة التي زرعها على مدة اشهر وسقاها كل محبته … وعلى حمامته التي اعتنى بها لمدة تفوق السنتين في لاريا سجن مرناقية والتي انقذ ابنها من الموت وكيف تركهم دون توديع يوم الاربعاء الفارط واعلمني بانه بصدد كتابة رواية تحت عنوان ” الحمامة والسجين”…
توجهت الى بنزرت لاختطاف بعض الدقائق مع عصام الشابي وغازي الشواشي …
لقائي مع عصام كان جميلا كالعادة لانه مع عصام تجاوزنا الصداقة الى اخوّة تجعلني لا اتصور مرور الاسبوع دون زيارته والاطمئنان عليه وكالعادة كان مبتسما واثقا صبورا شامخا لا يشتكي ولا يتذمر مهما قست الظروف عليه …
توجهت اثر ذلك الى سجن ” الناظور” حاليا ” برج الرومي” سابقا، لالتقي بالصديق المناضل غازي الشواشي . لم يكن اختياري بانهاء هذا اليوم في سجن الناظور اعتباطيا لانني كنت اخشى تلك الزيارة واخشى من نفسي على نفسي … منذ وصولي امام باب السجن اختلطت الذكريات وتسابقت في رأسي واحسست وان الزمن عاد بي فجأة الى 45 سنة عندما لم يكن يتجاوز عمري العشر سنوات وكنت ارافق والدتي وشقيقي جوهر لزيارة الوالد عزالدين الحزقي …
لم يتغير كثيرا على ما تبقى في ذهني من ذكريات السور العالي من الأحجار الذي يحيط السجن بقى كما هو …باب دخول زيارة العائلات هو بنفسه … تغير لون الباب الحديدي وبدت لي الاحجام اصغر مما كانت في ذاكرتي … وقفت بعض الدقائق أتأمل دون حركة وشعرت بشىء من الدوران وكانني دخلت في آلة السفر عبر الزمن … طرق العون الباب الحديدي … فتح الباب ودخلنا البهو … بهو اعرفه جيدا وذكريات طفولتي مع والدي تدور جميعها داخل هذا البهو اللعين… بدأت اشعر باختناق في حلقي ورغبة في البكاء ولكن تمالكت نفسي قلت ” عيب”… ثم ادخلني العون الى مكتب الزيارة … نفس المكتب الذي كنت ازور فيه عزالدين … هو نفسه… ولكن عوض عزالدين كان غازي جالس على الكرسي وبمجرد ان رأيته اسقطت كل دفاعاتي وانهمرت بالبكاء كالطفلة الصغيرة التي كنت منذ قرابة الخمسون سنة تلت… وعوض ان ارفع من معنويات غازي قام هو بدور الاخ الاكبر الذي اخذ بيدي ليعود بي شيئا فشيئا الى سنه 2025… تداركنا الموقف معا وبكل سلاسة روى لي قصة نقله وظروف اقامته وضحكنا قليلا من هذا الزمن المعكوس اللي فيه الورد تقلع والبصل مغروس…
انتهى يومي بشعور مختلط بين الراحة والحزن…
لن اغفر مهما حييت لمن اعادنا الى مربع السجون وفتح جروح الماضي بكل صفاقة ودون ضمير … ولكننا لحسن حظنا تعلمنا منذ الصغر لملمة الجروح بسرعة والقدرة الدائمة على الوقوف …
لن اخبركم عن مرافقتي التي شاركتني هذا اليوم وجعلته رغم التعب جميل …فذلك سرّ لا يذاع