
أعلنت كل من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان و المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية، وهما جهة المبادرة لتنظيم المؤتمر الوطني للحقوق والحريات ومن أجل جمهورية ديمقراطية عادلة مساء اليوم من خلال بيان على صفحة الراابطة الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك عن البيان الختامي للجلسة التحضيرية للمؤتمر بمشاركة ممثلين عن عديد الجمعيات والأحزاب والفعاليات الشبابية و النسوية والمناضلين المستقلين.
و قد اشار البيان الختامي إلى أن المبادرة لقت صدى إيجابي، حيث حرّكت المياه الراكدة ورسمت للعديد من الفاعلين أفقا ممكنا من أجل فعل مدني وسياسي أكثر نجاعة، يقطع مع حالة الإرتباك والتشتّت ويضطلع بمهمة الدفاع عن الحقوق والحريات والديمقراطية بما تقتضيه من وضوح وجذرية وتجميع.
و أكد ذات البيان الختامي أن المبادرة “جاءت في سياق تصعيد السلطة نهجها الاستبدادي والقمعي، مثلما برز في الأحكام الجائرة في قضية التآمر، ثم اعتقال وحبس المحامي والقاضي السابق أحمد صواب، ليلتحق بالقائمة اللامتناهية لضحايا تجريم العمل السياسي والمدني والصحفي والنقابي مشيرا أن منظومة الحكم الفردي أكّدت بذلك استمرارها في تمشّي قتل الحريات وإبادة السياسة ومساعيها لإخماد كلّ صوت مختلف، بالاعتماد على الممارسات البوليسيّة القمعيّة وباستعمال سيطرتها على القضاء الخاضع تحت سكاكين الإعفاءات ومذكرات العمل”.
كما شدد البيان على “أن احتكار السلطة وتغيير نظام الحكم بإرادة منفردة مهد إلى القضاء التدريجي على مكتسبات الحرية التي افتكّها الشعب بثورته ودماء شهدائه، والعودة إلى مناخ الصنصرة والخوف والترهيب، سواء داخل مؤسسات الدولة أو إزاء الأجسام الوسيطة والإعلام والمتدخلين في الشأن العامّ وجميع المواطنين والمواطنات، فتحوّلت تونس إلى سجن كبير”.
و ورد في ذات البيان :” أن التجربة أثبتت زيف مقولة نجاعة السلطة السياسية القائمة في تحقيق نتائج اقتصادية واجتماعية إذ يواجه النظام الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي يرزح تحتها التونسيون والتونسيات ببيع الأوهام والدعاية، وباعتماد المؤامرة أداة وحيدة لتفسير كلّ الأزمات إذ تتغاضى السلطة عن العوامل الهيكلية في أزمات ندرة المياه وغلاء الأسعار وتردي المرافق العمومية جراء سياسات التقشف، بالاختباء وراء سرديّة المؤامرة واختلاق “أعداء داخليين” لتبرير اللامسؤولية المطلقة لصاحب السلطة المطلقة كما اختبأت وراء سرديّة عنصرية بغيضة للتغطية على لعبها دور حارس الحدود الأوروبية، مقابل اعتراف سياسي بالنظام ومبالغ زهيدة، ليدفع الآلاف من المهاجرين التونسيين في أوروبا والمهاجرين من جنوب الصحراء في تونس والمتضامنين معهم ثمن خضوع الدولة لسياسات حكومة الفاشية الجديدة في إيطاليا”.
و أفاد البيان “أنّ عودة الاحتجاجات الاجتماعية، سواء لقطاعات أو جهات أو أفراد، مؤشر واضح على زيف دعاية النظام وشعاراته، وعلى تنامي الغضب الاجتماعي. و كعادتها، تواجه السلطة الاحتجاج بالقمع والعقاب، مثلما حصل في المزونة أو إزاء الشباب المحتجين من أجل الحقّ في بيئة سليمة في قابس، كما تستعمل أذرعها لهرسلة وإجهاض أيّ تحرّك اجتماعي، مثلما يحصل مع النساء العاملات في القطاع الفلاحي حيث عرّت الحراكات الاجتماعية عجز السلطة عن إيجاد حلول واقعيّة، وكشفت أنّ استثمارها في مشاعر الكره والتشفي والتسويق لإجراءات صوريّة لن يُخمد المطالب الشعبيّة في العيش الكريم”.
مؤكدا ” أنّ استفحال القمع وتوسّع دائرته دليل ضعف ورعب في صفوف النظام. إذ أنّ قدرته على التدمير المنهجي لمكتسبات الثورة ليس بوسعها أن تغطي فقدانه عناصر الاستدامة، وارتباطه كلّيا بشخص الرئيس، وعجزه عن وضع بناء متماسك وحتى عن إرساء ما تضمنه دستوره الفردي”.
وقد جدد الموقعون على البيان الختامي تأكيدهم على “أنّ منظومة الحكم المطلق غير قابلة للإصلاح، فإنّ انغلاقها على نفسها ورفضها الحوار والإقرار بالأزمة، يزيد في الآن ذاته من خطورتها ومن هشاشتها ، في المقابل، تتزايد القناعة داخل قطاعات واسعة في المجتمع بضرورة وضع حدّ لمسار الانهيار، واستعادة الشعب قراره الديمقراطي واسترجاع ما حقّقته ثورته من مكتسبات.”
كما أكد الموقعون “أن الأرضية التي يشتركوا حولها دفاعا عن حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وعن العدالة الاجتماعية وفي التمسك بثورة الحرية والكرامة ومكاسبها، تقتضي من الجميع موقفا مبدئيا حاسمًا يدين المحاكمات السياسيّة ومسارات تصفية الخصوم السياسيّين والإجراءات التعسّفية مثل التضييق على أنشطة الأحزاب والجمعيات وغلق المقرات ومنع الاجتماعات وهو موقف لا يفرز بين ضحايا الاستبداد ولا يخلط بين المسؤولية السياسيّة والمسؤولية الجزائيّة، يُقرّ حقّ الجميع في العمل السياسي والمدني، ويؤمن بديمقراطية تقوم على الخصومة السياسيّة بين الحساسيات المتنوعة وليس على العداء والإلغاء”.
و قد أشاروا” أنّ هذا لا يبرّر بأيّ حال من الأحوال القبول بنظام الاستبداد أو تأجيل مطلب بناء الجمهورية الديمقراطية و مشددين أنه لا مجال لفصل النضالات الحقوقية والاجتماعية اليومية عن مطلب استئناف المسار الديمقراطي وإسقاط حكم الفرد وبناء دولة القانون والحقّ ولا معنى سياسيّا لمطالب الحريات مع القبول بنظام سياسيّ قائم على حُكم الفرد ،فالمهمّة الحقوقية والسياسيّة اليوم تقتضي التفكير في خارطة طريق للعودة للجمهورية الديمقراطيّة، تطرح بشجاعة مسألة الشرعيّة الدستورية والنظام السياسي، وتترجم الموقف المبدئي من طبيعة النظام الاستبدادي القائم واستحالة إصلاحه”.
و أكد الموقعون على البيان الختامي الحاجة الملحة إلى أساليب نضالية توحّد الصفوف وتتجاوز الجمود القائم، على قاعدة مضامين وبدائل واضحة مشددين أن المرحلة بقدر ما تقتضي مواصلة التعبئة و تعدّد المبادرات فإنها تتطلب إرساء آليات عمل ديمقراطية تقوم على النقاش والحوار وتجاوز الانعزاليّة و تنفتح على مختلف الطاقات النضالية داخل المجتمع وتكسر الحصار الإعلامي الرسمي بتطوير وسائل اتصالية بديلة ومبتكرة تستفيد من تكنولوجيات الاتصال الحديثة المتاحة وفق تعبيرهم.
و اعلن الموقعون على البيان انطلاق مرحلة نضالية ضرورية، عبر دينامية تفكير وتعبئة جماعية قادرة على مواجهة الاستبداد ومدّ الجسور مع روافد المقاومة الاجتماعية وتغيير موازين القوى لفائدة إرادة التغيير الديمقراطي كما أعلنوا عن تشكيل أربعة (04) مجموعات عمل تنطلق قريبا في أشغالها لإعداد ورقات ومضامين ومقترحات عملية تعرض في جلسة قادمة، مشددين ان الطريق الوحيد هو النضال السلمي والمدني الدؤوب، دون الفصل بين المطالب الحقوقية والاجتماعية والتغيير السياسي من أجل نظام ديمقراطي يضمن كرامة جميع التونسيين والتونسيات ويعبّر عن التعددية داخل المجتمع على حد قولهم.