
بمناسبة مرور 600 يوم على إيداعها السجن, كتب الناشط السياسي المعارض و الوزير الأسبق كمال الجندوبي الأحد 25 ماي 2025, رسالة إلى رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي, السجينة قسريا على خلفية بعض قضايا, تعبيرا عن تضامنه معها و مساندته لها. في مواجهة ما وصفها بالمحنة الجائرة والعنيفة التي تعرض لها.
و اعتبر الجندوبي أن احتجاز عبير موسي يُجسّد أحد أبرز مظاهر الانحراف الاستبدادي, الذي بات يَسحق كل أشكال المعارضة. فهو يكشف عن سلطة لا تتردد في توظيف القضاء كأداة لإسكات خصومها، بغض النظر عن مساراتهم أو أفكارهم أو خلفياتهم السياسية. لم يعُد أحد في مأمن، وهذه الممارسات القمعية التي أصبحت تُمارس بلا تمييز تفرض علينا ردًّا واضحًا، وعيًا جماعيًا، وتضامنًا لا يُساوِم.
وأشار كمال الجندوبي أن خطابه الموجه لرئيسة الحزب الدستوري الحر يمكن أن يثير الكثير من سوء الفهم، والريبة، وربما حتى الاتهامات.. ولفت في خطابه أن هناك من سيصيح بوجود تراجع، وآخرون بالخيانة. وسيسعى البعض، سواء في السلطة أو في المعارضة، إلى تحريك أحقاد قديمة أو استغلال شروخ الماضي لتشويه كل تعبير عن التضامن. لكن، ثمّة لحظات في تاريخ الشعوب لا بدّ فيها من التحلّي بالشجاعة لكسر التمترسات، والدفاع عن المبادئ. وهو الخيار الذي انحاز له السياسي المعارض كمال الجندوبي وفق تقديره.
و قال الجندوبي في رسالته لموسي:” إن اعتقالك العنيف يوم 3 أكتوبر 2023، واحتجازك التعسفي الذي طال لأشهر، والتهم البالغة الخطورة – والتي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام – لمجرد محاولتك تقديم طعن قانوني ضد مراسيم رئاسية، لا يندرج ضمن خلاف سياسي مشروع، بل هو جزء من نهج منظّم لسحق كل أصوات المعارضة في تونس. وما تتعرضين له، كما غيرك من شخصيات تنتمي إلى مشارب مختلفة، هو مؤشر واضح على انحدار نحو السلطوية. وفي مواجهة هذا المسار، لا خيار أمام من لا يزال يؤمن بالديمقراطية سوى اتخاذ موقف واضح: الإدانة، والتضامن، والتحرك.”
و أدان كمال الجندوبي تتعرض له رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي من ظلم و اذلال قائلا: إن الظلم الذي تتعرضين له لا يمسّك وحدكِ، بل يطال أيضًا أفراد عائلتك وبناتك، كما يطال أبناء وبنات كل من سُجن بسبب أفكاره ومواقفه. إنّه يحرم هؤلاء الأطفال من الحضور الأساسي لأمهاتهم أو آبائهم، في مرحلة من حياتهم يكون فيها الحبّ والرعاية والروابط العائلية حاجة لا تُعوّض. لقد آن الأوان لكسر هذا المسار القائم على القمع، حتى تتمكّن كل عائلة من استعادة لحمتها، ويستعيد وطننا طريقه نحو العدالة والكرامة والديمقراطية.”
ورغم رسالة التضامن القوية التى بعث بها الوزير الأسبق كمال الجندوبي لموسي, إلا أنه أكد أن تضامنه معاها لا يؤكد تأييدها سياسيا، “ولا تغاضيًا عن الخلافات العميقة التي قد تكون فرّقت بينهما”. معترفا بوجود خلافات قديمة و جراحات عميقة ومواجهات وكلمات قاسية تبادلاها خلال مشوارهما السياسي، في مرحلة ما، وفق تعبيره, زادت في تعميق الاستقطاب داخل الحياة السياسية. ومع ذلك، يؤكد الجندوبي أنه يؤمن “أن تونس لا يمكن أن تتقدم إذا بقيت أسيرة للأحقاد القديمة”.
وبعا لكل تلك المرتكزات شدد كمال الجندوبي على أنه يرفض النظر لعبير موسي كعدو يجب التخلص منه, مشيرا إلى أن “الديمقراطية الحقيقية لا تختار معارضيها، بل تضمن حقوقهم، حتى عندما تختلف معهم بشدة. أما سلب الحرية تعسفًا، واستخدام العنف، وتوظيف القانون لإسكات المعارضين، فكلها ممارسات مرفوضة. وما تمرّين به اليوم ليس إلا تجليًا لأزمة أعمق: انهيار دولة القانون، وهيمنة الاستبداد، وتدجين المؤسسات”. وفق تعبيره.
و ختم المعارض و الناشط السياسي كمال الجندوبي رسالته لعبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر المسجونة على ذمة قضايا سياسية, بأن التضامن معها واجب ولأنه يؤمن بأن تونس لا تقصي أحدا, لا بسبب أفكاره، ولا بسبب أصله، ولا بسبب ماضيه. تونس تُبنى على قواعد مشتركة، لا على الخوف أو الانتقام. تونس التي تتيح الاحتجاج والتعبير والاختلاف، دون أن يكون مصير من يمارس ذلك السجن.