
ندد حزب التيار الديمقراطي, بما وصفه بالوضع الكارثيّ الذي آلت إليه الحقوق والحرّيات، نتيجة الانتهاكات المتواصلة لسلطة الانقلاب بغاية غلق الفضاء العام، والتضييق على النشاط السياسيّ والمدنيّ والنقابيّ، كما أدان التيار ما وصفه بالضرب الصارخ لاستقلاليّة القضاء, وتحويله إلى جهاز تابع خاضع لهيمنة السلطة التنفيذيّة, وفق تعبيره.
كما ندد التيار بما وصفه بتحويل البلاد إلى سجن مفتوح، يسوده مناخ من التخويف والترهيب وحملات التشويه الممنهجة، وفق تقديره, من خلال استعمال القوانين القمعيّة، على غرار المرسوم 54، و توظيف بقيّة الترسانة القانونيّة لاستهداف كل صوت معارض أو ناقد للسلطة وسياساتها، آخرها الأحكام القاسية الصادرة فيما يعرف بـ “قضيّة التآمر” عن محاكمة غابت فيها كلّ مقوّمات المحاكمة العادلة، تلاها ايقاف المحامي و القاضي السابق أحمد صواب بناء على تهم واهية و على معنى نصوص قانونيّة خطيرة.
جاء بيان الحزب على إثر انعقاد مجلسه الوطنيّ بتاريخ 26 أفريل 2025 في دورة عاديّة للتباحث في آخر المستجدّات الوطنيّة. وبالوقوف على تأزّم الأوضاع في البلاد اقتصاديّا و اجتماعيّا و سياسيّا.
وفي ذات السياق عبر التيار الديمقراطي عن قلقه العميق إزاء تدهور الوضع الاقتصاديّ والاجتماعيّ في البلاد، يترجمه تدنّ ملموس للمقدرة الشرائيّة و تزايد الضغوط على الطبقات الفقيرة والمتوسّطة، نتيجة استمرار غياب الرؤية و السياسات الواضحة، بعد أربع سنوات من الحكم المطلق الفاشل في وضع أسس متينة للتنمية المستدامة. تدهور يعكسه سنّ قوانينَ اعتباطيّة لا تستجيب للواقع والتحديّات الاقتصاديّة، مثل التركيز على تنقيح “قانون الشيكات” دون إيجاد حلول لمعضلة النفاذ إلى التمويل، و تركيز جهود وموارد الدولة على ما سمّي بـ “الشركات الأهلية” التّي لا تعدو أن تكون سوى أداة لزبونيّة سياسيّة جديدة تمعن في إهدار المال العام دون أي جدوى اقتصاديّة.
كما اتهم المجلس الوطني للتيار الديمقراطي “سلطة الانقلاب” بالفشل في معالجة ملف الهجرة في مختلف أبعاده وتحديد رؤية وطنيّة مستقلّة، ما يعمّق مخاوف المواطنات والمواطنين من ارتهان القرار الوطني لاتفاقيّات ظرفية سريّة تكرّس انتهاك حقوق المهاجرين. ويؤكّد المجلس على ضرورة أن يخضع هذا الملف للنقاش المجتمعيّ الواسع ويخرج من الإدارة الفرديّة الفاشلة له.
وإذ يذكّر المجلس الوطني بأنّ العهدة الرئاسيّة الحاليّة، هي العهدة الثانية و الأخيرة لقيس سعيّد بحكم الدستور، محذرا من تصاعد نوايا تأبيد الرئاسة، على غرار التجارب الدكتاتوريّة التي عاشتها تونس في ظلّ حكم بورقيبة و بن علي، نوايا بدأت تتّضح من خلال تحريك الدعوات في الفضاء الافتراضيّ في اتجاه عهدة جديدة.
كما ندد بيان التيار الديمقراطي بما سماها “النيّة المفضوحة” لعدم تركيز المحكمة الدستورية من قبل رأس السلطة و من قبل ما يسمّى بـ”مجلس نواب الشعب”، رغم سهولة تركيزها وفق الدستور الذي خطّه قيس سعيّد بنفسه، ممّا يعرّض البلاد للمجهول في حالة الشغور الدائم في منصب رئيس الجمهوريّة، و بهدف احتكار هاتين “الوظيفتين” لتأويل الدستور واستعمال التشريعات اللادستورية لغايات و مصالح سياسيّة ضيّقة.
ةفي ختام بيانه ثمّن حزب التيار تصاعد ديناميكيّة التحرّكات الاحتجاجيّة السلميّة التي يخوضها مناضلو ومناضلات الوسط الديمقراطي والحقوقي، وذلك تنديدًا بتجاوزات السلطة ودفاعًا عن مطالب ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي. كما يؤكّد انخراطه الكامل في هذه التحرّكات ويدعو كافة التونسيّات والتونسيّين إلى الالتحاق بها، واستعادة الزخم الشعبي الذي كان ولا يزال درعًا حاميًا ضد أي محاولات للعودة إلى مناخات القمع والاستبداد.