أنترفيووطنية

الرحيلي لتوميديا: “رغم التساقطات الجيدة الوضع المائي ما زال حرجا في تونس”

الأستاذ الجامعي والخبير في المياه حسين الرحيلي يطالب بالإسراع في إصدار مجلة المياه و مزيد ترشيد الموارد المدودة المتاحة

لفت الأستاذ الجامعي والخبير في المياه حسين الرحيلي لتوميديا الجمعة 21 مارس 2025, إلى أن تونس مازالت تعاني الشح المائي, إذ أنها إحدى الدول الواقعة تحت خط الفقر المائي. بسبب قلة الايرادات بالسدود رغم تحسن التساقطات هذه السنة في مناطق الوسط والجنوب. وقد قابله انخفاض في التساقطات بمناطق تواجد السدود بالشمال. مما جعل 14 ولاية تراوح مكانها على مستوى الإيرادات التى سجلت سنة 2019 نسبة امتلاء بلغت 65%. مؤكدا أن الوضع المائي ما زال حرجا ويستوجب اليقظة و حسن التصرف في الموارد المتاحة. ناهيك عن غياب العدالة المائية خاصة عند مقارنة ما تحصل عليه المناطق الحضرية و مثيلها الريفية.

كلام الرحيلي جاء خلال مشاركته في ندوة بشأن المياه جملت شعار “العدالة المائية في تونس،بين الواقع والتحديات”.         و كذلك انعقاد الندوة بالتزامن مع الإحتفال باليوم العالمي للمياه والذي أعلنته الأمم المتحدة بتارخ 21 مارس من كل عام  و التى اختارت أن يكون الاحتفال هذهالسنة تحت شعار “حماية الأنهار الجليدية” خاصة بعد الذوبان الكبير الذي عرفته تلك الأنهار في سنة 2023. وهي أسرع عملية ذوبان سجلت في التاريخ المعاصر.

وقد أشار حسين الرحيلي إلى أن تونس ليست منعزلة عن العالم بل تخضع لنفس التحولات و التأثيرات المناخية. وبالنسبة للعام الحالي عرفت تونس تهاطل جيد للأمطار مما جعل الموسم الحالي أفضل بكثير من سنة 2024 و 2023 و 2022 . لكن نسبة إمتلاء السدود بقيت ترواح مكانها. مما جعل المواطن البسيط يعتقد أن تلك السدود بها ثقوب أو أن هناك عصابات لتهريب المياه.

خبير المياه نفى تلك الشائعات مقدما تفسيرا علميا لظاهرة عدم امتلاء السدود وهي أن الخارطة المطرية للبلاد التونسية عرفت تغيرا ملحوظا حيث أصبحت التساقطات تحصل بكثر في أماكن لا تحتوي على سدود أو بحيرات جبلية أو خزانات إصطناعية. حيث شهدت مناطق الوسط و الوطن القبلي و الجنوب الشرقي كميات من الأمطار فاقت ما وقع تسجيله سابقا لكن في نفس الوقت هذه المناطق ليس بها سدود مشيدة ذات طاقة استعابية للمياه كبيرة. وهو ما يفسر قلة الإيرادات الإجمالية بالسدود التونسية.

وفي هذا الصدد أكد حسين الرحيلي أن منطقة مثل المنستير استقبلت ما نسبته 200 % من الكميات المعتادة على تلقيها. في المقابل نجد أن منطقة الشمال وخاصة الشمال الغربي التى تحتوي على أغلب السدود التونسية الكبيرة شهدت بها التساقطات المطرية تراجعا ملحوظا. حيث سجلت نسبة الإمتلاء اليوم حوالي 35.7% من الطاقة الإستعابية للسدود أي ما يقرب من  8844 مليون م3  وهي كمية تقترب من الحاصل الإجمالي للمياه بالسدود في نفس الفترة من  للسنة الماضية.

و في هذا السياق أوضح الرحيلي أنه لابد للتونسيين أن يستوعبوا أن الموسم الفلاحي واعد و ممطر لكن الخارطة المطرية الجغرافية للتساقطات تغيرت مما أثر سلبا على إيرادات المياه بالسدود الرئيسية. لافتا إلى أنه رغم الحصيلة المائية الضعيفة بالسدود إلا أن هناك تحسن على مستوى ارتفاع الموائد المائية الباطنية و الغطاء النباتي من مراعي وغابات. وكل هذه النتائج الإيجابية يشعر بها الفلاحون خاصة في المناطق الزراعية والمنتجة.

وبهذه المناسبة ذكر خبير المياه بضرورة ترشيد استهلاك المياه و حوكمة استغلاله لأنه مادة نادرة داعيا السلطات إلى تغيير السياسات المائية برمتها. منتقدا قرارات 25 فيفري 2025 التى اتخذها المجلس الزواري معتبرا إياها قرارات كلاسيكية جدا, وهي قرارات غير قادرة على إخراج البلاد من أزمتها المائية و تجعلها أكثر قدرة على التأقلم مع الوضعية المائية خلال العقدين القادمين.

كما انتقد حسين الرحيلي التأخر غير المبرر لإصدار مجلة المياه والتى صدرت النسخة الأولى منها سنة 2009 لتنظم استغلال و حوكمة المياه و كيفية التعامل مع الموارد المتاحة حتى لا نصل إلى فترة تأزم و نقص حقيقي في هذه المادة الإستراتيجية. وكي ننحج في إصدار مجلة مياه تستجيب لكل المعايير الواقعية والعلمية لابد من إجراء حوار وطني شامل يعبر على تطلعات كافة المتدخلين لوضع رؤية شاملة للخمسين سنة المقبلة. مبديا تخوفه من التأخير في إصدار تلك المجلة سيجعلنا نعتمد على مجلة 1975 التى أنتجت أغلب المشاكل المائية التى تعاني منها تونس اليوم.

Authors

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى