أنترفيوعالمية

الخليفي لتوميديا: “بناء الدولة السورية ما بعد الثورة يواجهه تحديات داخلية وخارجية”

الباحث في الدبلوماسية والعلاقات الدولية عبدالرحيم الخليفي يؤكد أن الإدارة السورية الجديدة قادرة على تجاوز التحديات الأمنية والوصول للاستقرار المنشود في حال حزمت كافة الخلافات

كشف الباحث في الدبلوماسية والعلاقات الدولية عبدالرحيم الخليفي لتوميديا اليوم الإثنين 17 مارس 2025, أنه وعقب انهيار النظام السوري –في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى في غزة- بسبب الهجوم التاريخي لجبهة تحرير الشام التى يقودها أحمد الشرع في 8 ديسمبر 2024، وفرار بشار الأسد إلى موسكو، قام أنصار المخلوع بتمرد في الساحل السوري ومهاجمة قوات الأمن العام التابعة للقيادة الجديدة ثم أُعلن عما يسمى “المجلس العسكري لتحرير سوريا” لتفجير ثورة مضادة. وكان المتمردون يغطون منطقة تمتد من اللاذقية إلى طرطوس، وهي مناطق ذات أغلبية علوية. ولكن سرعان ما استعادت دمشق السيطرة على الوضع من خلال التدخل العسكري والأمني. 

جاء كلام الخليفي على ضوء الأحداث التى تعيشها سوريا منذ أسبوعين انطلقت داخلية مع الأقليات العلوية و الدرزية و الكردية لتتحول إلى مناوشات مع عناصر حزب الله على الحدود اللبنانية السورية.بدعم من ايران التى خسيرت وجودها في سوريا و تعمل على زعزعة إستقرارها الوليد.

فماهو مستقبل الدولة السورية في ظل حكم الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع؟. و مدى صمود الإتفاقيات مع بعض الأقليات و المكونات السورية؟. وهل ستسهم الإتفاقات الجديدة في استقرار سوريا في ظل محاولات من الثورة المضادة للانقضاض على الإدارة الجديدة؟

عقد اتفاقيات مع الأكراد والدروز: 

كانت المنطقة الساحلية تمثل معقلًا قويًّا لفلول نظام المخلوع، مما جعلها نقطة نزاع إستراتيجية، حيث انعكست تداعياتها على تركيا التي تضم ما يقارب 20% من العلويين، أما سوريا ذات الأغلبية السنّية فيمثل العلويون فيها 9%. فشهدت ولاية هاطاي عدة مظاهرات تعاطفًا مع علويي سوريا، حتى قال الشيخ العلوي التركي سليم نازلي في إحدى المظاهرات: إنه “في حال لم تتمكن تركيا من وقف ما يجري بسوريا، فإنه سيتقدم بطلب إلى إسرائيل للتدخل لحماية العلويين”، على حد قوله، وهو ما أثار جدلًا حادًّا في تركيا. 

لكن الإدارة السورية تدخلت بسرعة فائقة في الساحل، وتمكنت من حسم المعركة لصالحها ضد المتمردين الذين نظموا صفوفهم سرًّا وتلقوا دعمًا سياسيًّا من الخارج وخاصة إيران. 

بعد حسم معركة الساحل، بادر الرئيس أحمد الشرع إلى عقد اتفاقيتين في التوقيت الحاسم: واحدة مع الأكراد (شمال شرق سوريا) بقيادة مظلوم عبدي زعيم “قسد” (يشكلون 5-10% من الشعب السوري الذي أغلبه سنّة 77%). وربما كان لإعلان قائد حزب العمال الكردستاني في تركيا عبدالله أوجلان لإلقاء السلاح حافز للسلام في سوريا. 

الاتفاقية الثانية مع الدروز (يمثلون 3% من سوريا) منهم فصيل “حركة رجال الكرامة” وفصيل “أحرار جبل العرب” بعد أحداث السويداء وجرمانا، وبقي آخرون خارج الاتفاق لغايات أخرى. وقد صرح رئيس وزراء العدوّ الصهيوني ووزير الحرب بالتدخل لدعمهم، ولكنهم أبدوا رفضًا قاطعًا لأي تدخل. ولا شك أن للزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط دورًا في تراجع دروز سوريا عن الصدام مع السلطة المركزية السورية.

 بعد فترة من التوترات الداخلية بين مختلف الجماعات العرقية والطائفية، كان الرئيس أحمد الشرع يعي أهمية ضمان التوازنات لتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد. فالأكراد والدروز كانوا يمثلون قوى رئيسية، لهم مطالبهم الخاصة التي كانت أحيانًا تتناقض مع الدولة المركزية. وبالمقابل لم يعقد الشرع أي اتفاق مع متمردي الساحل السوري. ولكن نتوقع اتفاقية مع بعض الأطراف العلويين تجنبًا لأي صدام داخلي. 

من خلال المفاوضات مع هذه الأطراف –والتي كانت في فترة مبكرة من هروب بشار- والتي توّجت باتفاقيتين، نجح الشرع في تخفيف التوترات الداخلة، مما عزز مكانته السياسية داخليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، وتأكيد قدرة الدولة على فرض سلطتها في مناطق كان يصعب الوصول إليها. 

هذا الانتصارات لم تكن مجرد نجاح عسكري بل كانت نجاحًا اجتماعيًّا سياسيًّا وأمنيًّا، وتاريخيًّا أيضًا، وكانت لها تأثيرات على الوحدة الوطنية. فلأول مرة يحصل الأكراد على الاعتراف الوطني الذي لم يحصلوا عليه أيام حزب البعث بقيادة الأسد الأب الذي كان يجمع بين متناقضين: التشبث بالقومية العربية وعدم الاعتراف بمكونات البلاد (الأكراد والتركمان وأقليات أخرى).

بناء الدولة وتجاوز شبح الحرب الداخلية:

مثلت انتصارات القيادة الجديدة جسرًا لتجاوز شبح الحرب الداخلية نحو السلم الأهلي ووحدة البلاد. وأسهمت الإنجازات الأمنية والسياسية في تعزيز الاستقرار. وهذه الاستراتيجيات عززتها خطابات الرئيس الشرع المطمئنة، حيث قال إن الدولة هي الضامنة للأمن وحماية الحريات العامة وأخذ الحقوق عن طريق القضاء. وقد عزز مؤتمر الحوار الوطني (25/2/2025) وتشكيل لجنة الإعلان الدستوري -قبل الأحداث الأخيرة- مكانة الدولة داخليًّا وخارجيًّا. فهذه الإنجازات العابرة للطائفية هي بداية لاستقرار البلاد التي شهدت عدة محطات من التفكك بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية (1922)، والانقلابات عسكرية ما بعد الاستقلال (1946) والحكم الدكتاتوري في عهد الأسد. ولكن الأقليات بركانًا كامنًا ينبغي الحذر منه.

تحصين سوريا من عدوان الاحتلال الصهيوني:

كانت بسط دمشق لسلطتها في البلاد محوريًّا لاستعادة وحدة سوريا والاستعداد لحمايتها من اعتداءات العدوّ الصهيوني المتكررة الذي استغل حالة تمرد الساحل والجنوب على دمشق. وهذه الاعتداءات الصهيونية كانت منذ نظام المخلوع الذي ما يفتأ يردد عبارته الشهيرة بعد كل قصف: “سنردّ في الوقت المناسب”. ولا تزال هذه الاعتداءات مستمرة، وهو ما يشكل تحديًا مستقبليًّا على أمن سوريا والمنطقة واستقرارها السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي. فالمواجهة آتية لامحالة.

كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى