
قال الباحث في الدبلوماسية والعلاقات الدولية عبدالرحيم الخليفي لتوميديا الأربعاء 19 فيفري 2025, إن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير سكان قطاع غزة وتوطينهم في دول الجوار العربي يجب أن نقرأها من الجانب النفسي لصاحبها قبل قراءة مضمونه. فترامب “يعاني من متلازمة السلطة و الثروة”.
ويضيف الخليفي: “إن ترامب عُرف عنه أنه لا يقرر شيئًا في السياسة إلا من منظور السلطة المطلقة للولايات المتحدة في العالم والمكسب المادي من أي قرار سياسي”. مؤكدًا أن هذه المتلازمة ليست حالة مرضية بل هي حالة نفسية تنبع من مصادر نفسية متعددة، مثل:
* تضخم الأنا لدى مثل هؤلاء الأشخاص المهووسين بالمال والسلطة. * الشعور بالتفوق على باقي العالم، وهو شعور ملازم لرؤساء الولايات المتحدة.
* عدم التعاطف مع القضايا العادلة لأن مقياسه يخضع لموازين الربح والخسارة. *اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر، فيغامر.
أما نفسيًّا فإن مثل هذه الشخصيات (دونالد ترامب ) تتكيف مع السلطة أو ما يعرف بتأثير “كرسي القيادة”. هذا إضافة إلى تعزيز المال على القيم المادية و على القيم الأخلاقية. كما عرف عن الرئيس الأمريكي ميله الشديد نحو السيطرة المطلقة، ويظهر ذلك من خلال تهديداته بضم دول مجاورة له مثل كندا وجزيرة غرينلاند التابعة سياسيًّا للدنمارك. وابن ترامب بعد فترة قصيرة من تصريح والده حط بطائرته الخاصة وصرح بأنه يريد شراء غرينلاند. كما أن ترامب يريد أيضًا السيطرة على قناة بنما (كانت تحت سيطرة الولايات المتحدة قبل 1999). وأخيرًا هدد غزة، التي قال عنها بأنها ستكون “واحدة من أفضل الأماكن في العالم”.
وفي هذا السياق أشار الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية إلى أن ترامب يميل إلى السيطرة على العالم حتى على حلفائه، فنراه يوجه التهديدات للأوروبيين والآسيويين ودول أمريكا الجنوبية التى يعتبرها الأمريكان حديقة خلفية لهم. فتفكيره منصبّ على المطالب المالية والمادية فتارة يتوجه إلى الخليجيين ويساومهم بين الجزية المالية أو إطلاق يد إيران والكيان الصهيوني عليهم. كما أنه اعتاد الاستفراد بالرأي دون الرجوع لمستشاريه مثلما حصل في موضوع غزة بفرضه لوقف إطلاق النار والدخول في مراحل التفاوض قبل تسلم منصبه بعدة أيام.
عبد الرحيم الخليفي يضيف: “إن ترامب من الشخصيات التى لا تهمه إلا السلطة ونفوذه وأمواله ومصالحه الشخصية”. وفي هذا السياق تأتي تهديداته المتغطرسة نحو غزة. لكن فاته أن مشاريع التهجير ضد سكان غزة ليست وليدة الحاضر بل هي قديمة قدم الاحتلال الصهيوني و متجددة تجدد إعتداءاته على القطاع و على الشعب الفلسطيني، فقد كانت مشاريع التهجير منذ السبعينات بل قبل ذلك، إلى غاية الحروب الأخيرة في الألفية الثالثة الحالية. و كل مشاريع التهجير ارتبطت بخطة التوطين في دول الجوار ودول أخرى بعيدة. ولكن جميعها فشل وذهب أدراج الرياح.
و يشير الباحث عبد الرحيم الخليفي لتوميديا أنه “على ترامب إذا كان يخشى انهيار الكيان وسلامة سكانه فأفضل الحلول والأماكن الآمنة لهم هو توطينهم في إحدى الولايات الأمريكية”، لأنه لا يمكن أن تمنح لغيرك ما هو ليس لك بالأصل. وترامب قد يكون جادًّا في مشروعه كما صرّحت المتخصصة في العلاقات الدولية في جامعة “كوين ماري” كورينا لاكاتوس والتي عملت في وسائل الاتصال السياسي للقادة الشعبويين مثل دونالد ترامب، حيث تقول لاكاتوس: “إن هذا يعدّ في الأساس المعادل الدبلوماسي لإظهار القوة والعضلات. ولكن لا يعني أن هذه المطالب لا يمكن أخذها في الحسبان”. (تقصد مطالب ترامب).
وعلى المقلب الآخر وبالنسبة للدول المجاورة لفلسطين المحتلة، ونقصد بها ما يعرف بدول الطوق العربي (مصر و الأردن ولبنان و سوريا ) و أيضا يمكن توسيع الدائرة لتشمل دول أخرى مثل السعودية و العراق… فهناك من كشف عن نيته في مساعدة المشروع الصهيوأمريكي على التنفيذ. من ذلك ما قام به الرئيس المصري “المنقلب على الشرعية”،وفق توصيف محدثنا, حيث قام بهدم بيوت سكان سيناء بنسبة كبيرة، بحجة مكافحة الإرهاب. وفي الواقع كان مشروعه هو إخلاء سيناء، الذي تم في إطار “صفقة القرن”، لحماية الكيان، وعزل سكان غزة عن مصر أو تمهيدًا وقتها لتهيئة سيناء وتوطين أهل غزة فيها.
كما أكد الخليفي أن الكيان الصهيوني يحاول منذ عقود إعادة إلحاق الضفة بالأراضي الأردنية ليصبح الكيان فارغًا من أي مقاومة تذكر. و يحيلنا الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية إلى عدد قديم من جريدة الدستور الأردنية الصادرة في 11 مارس 1970 والتي احتوت على مقال يتحدث عن مشروع تهجير سكان قطاع غزة قسريًّا وتوطينهم خارج فلسطين. وهذا يذكرنا بسلطة محاكم التفتيش والتاج الإسباني في الأندلس المحتلة (إسبانيا والبرتغال) خلال القرن 16، التي عذبت وقتّلت أعدادًا مهولة من الموريسكيين الأندلسيين وافتكت ممتلكاتهم وأراضيهم وبعض أطفالهم، ثم هجّرت بقية الموريسكيين إلى “دول المغرب الغرب العربي” و”العالم الجديد” (أمريكا) وأوروبا، ومناطق أخرى في العالم.
و يشدد عبد الرحيم الخليفي بأن جميع الحروب التى مرت على غزة كان من بين أهدافها إجبار الفلسطينيين على الهجرة قسرًا من القطاع. وكل المشاريع في هذا الاتجاه فشلت وتلاشت. وأوضح الخليفي أن الأنظمة العربية يمكن أن تتماهي مع الأجندات الأمريكية والأوروبية والصهيونية الطامحة إلى تهجير أهل غزة والتوسع إلى حيث يمكنها أن تسيطر في المنطقة. ورأينا كيف تتالت الحروب على أهل غزة منذ تأسيس الكيان الصهيوني رسميًّا في 14 ماي1948 حتى طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 ولكنهم فشلوا في ذلك.
وفي هذا السياق اعتبر الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية أن هناك حربًا إقليمية في الأفق وأن المنطقة تعيش على صفيح ساخن يهدد استقرارها وبقاء أنظمتها. وستظل المنطقة تعيش وبراكين من الحروب ما بقي الكيان الصهيوني في المنطقة. وستتنوع المشاريع الصهيونية بتحالفات دولية وإقليمية. ولكن الشعوب العربية مازالت شعوب نابضة بالكرامة وتتوق للحرية والانعتاق من أنظمة متحكمة في مصيرها وناهبة لثرواتها وتقدمها قرابين لرأس النظام العالمي طمعًا في بقائها على رأس السلطة.
ويضيف محدثنا لتوميديا: “إن حركات شعبية وسياسية مقاومة في دول مثل اليمن ولبنان والعراق وسوريا التى تمكنت من طرد الطاغية الذي حكم بالحديد والنار وما حصل إبان الربيع العربي كان خير مثال على قوة إرادة الشعوب العربية في كيفية صناعة واقع جديد والتعاطي مع الأحداث المستجدة”. والواقع كشف زيف الغرب وشعاراته الرنانة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية… وغيرها.
وكشف الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية عبدالرحيم الخليفي أن فصائل المقاومة اليوم استطاعت أن تصنع لنفسها طريقًا اختارته بالمقاومة، وانتقلت من مرحلة الاحتجاجات ورمي الحجارة، إلى القنابل والمُسيّرات والصواريخ والعبوات المتفجرة التى دكت بها آليات العدوّ الصهيوني، وكسرت أسطورة الميركافا فخر الصناعات الحربية الصهيونية والعالمية، واستطاعت الفصائل الفلسطينية تنظيم صفوفها وخلق حاضنة شعبية قوية، وهذا من شأنه أن يهزم أي مخطط للتهجير وتوطين سكان غزة خارجها. ورأينا كيف أسقطت المقاومة الإسلامية في غزة أسطورة الجيش الذي لا يُقهر والقبة التي لا تُخترَق.
والواقع كشف زيف الغرب وشعاراته الرنانة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية… وغيرها. ورأينا كيف سقطت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر والقبة التي لا تُخترَق. وكشف الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسية عبدالرحيم الخليفي أن فصائل المقاومة اليوم استطاعت أن تصنع لنفسها طريقًا اختارته بالمقاومة، وانتقلت من مرحلة الاحتجاجات ورمي الحجارة، إلى القنابل والمُسيّرات والصواريخ والعبوات المتفجرة التى دكت بها آليات العدوّ الصهيوني، وكسرت أسطورة الميركافا فخر الصناعات الحربية الصهيونية والعالمية، واستطاعت الفصائل الفلسطينية تنظيم صفوفها وخلق حاضنة شعبية قوية، وهذا من شأنه أن يهزم أي مخطط للتهجير وتوطين سكان غزة خارجها. ورأينا كيف سقطت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر والقبة التي لا تُخترَق.