الرحيلي لتوميديا: اتفاقية انشاء آلية للتشاور حول المياه المشتركة في الصحراء بين تونس والجزائر وليبيا ستساعد في إعادة إحياء الطبقة المائية غير المتجددة
الباحث و الأكاديمي المتخصّص في مسائل التنمية والتصرّف في الموارد حسين الرحيلي يؤكد أن حجم الإستنزاف للطبقة المائية المشتركة في شمال الصحراء بين تونس والجزائر وليبيا دمر جزء كبيرا من مكونات المائدة المائية و تبادل المعلومات و تنظيم الإستغلال سينقذ ما تبقى منها
قال الباحث و الأكاديمي المتخصّص في مسائل التنمية والتصرّف في الموارد حسين الرحيلي لتوميديا اليوم السبت 11 جانفي 2025, إنه ليس هناك شراكة فيما يخص المصادقة على اتفاقية انشاء آلية للتشاور حول المياه المشتركة على مستوى الصحراء الشمالية بين تونس والجزائر وليبيا الموقعة بتاريخ 21 أفريل 2024. والتى تتعلق بالمائدة المائية الأحفورية الموجودة داخل الأقطار الثلاث. بنسب متفاوتة, حيث تبلغ نسبتها 70 بالمائة في الجزائر و 20 بالمائة في ليبيا و 10 بالمائة في تونس. و الإتفاقية المصادق عليها تتعلق فقط بتبادل المعلومات و المعطيات حول إستغلال المائدة المائية موضوع الإتفاق.
جاء كلام الرحيلي بعد الإعلان أمس الجمعة عن تنزيل الأمر عدد عدد 23 لسنة 2025، الخاص باتفاقية انشاء آلية للتشاور حول المياه المشتركة على مستوى الصحراء الشمالية بين تونس والجزائر وليبيا.بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. والذي يتكون من فصلين, الأول ينص على المصادقة على الاتفاقية المحدثة لهذه الآلية والتي تم توقيعها في الجزائر يوم 24 افريل 2024، فيما يتعلق الفصل الثاني بنشر الامر بالرائد الرسمي. وشكل ملف المياه الجوفية في الصحراء الشمالية محور اجتماعات ثلاثية جمعت بمقر وزارة الفلاحة الجزائرية يوم 24 أفريل 2024 وزراء الفلاحة بتونس وليبيا والجزائر.
و يشير حسين الرحيلي أن توقيع الإتفاق بين الدول الثلاث يأتي عقب النتائج الكارثية التى نتجت عن الإستغلال العشوائي و المشط للمائدة المائية غير المتجددة.التى تبلغ مساحتها حوالي 1 مليون كم مربع. حيث تم استنزاف مخزوناتها على مدى الـ 30 سنة الأخيرة. إذ عمدت السلطات الليبية إلى انهاك المائدة من خلال استغلال مياهها في مشروع النهر الصناعي زمن الزعيم معمر القذافي. كما عمدت الجزائر إلى تنفيذ خطة كبيرة لزراعة و تخضير الصحراء الشمالية مما أدى إلى تدمير المخزونات الإستراتيجية لها. كما قامت تونس بتنفيذ مشاريع فلاحة بواسطة استغلال المياه الموجودة بتلك المنطقة. مما تسبب في تدهور خاصياتها و مخزوناتها.
الضغط المتواصل على هذه المائدة الطبيعية الأحفورية العميقة وغير المتجددة من خلال الإستغلال المجحف يقول الرحيلي, أنه ساهم في ظهور عدة تأثيرات سلبية على غرار أرتفاع ارتوازيتها أي عمقها و ارتفاع نسبة الملوحة للمياه حيث تضاعفت عدة مرات إذ مرت من 4 غ في اللتر في الثمانينات إلى 28 غ في اللتر. كما تدهورت القيمة النوعية للمياه. و أمام هذا الإنهيار الكبير للمائدة المائية الإرتوازية أصبح لزاما على الدول الثلاث تونس والجزائر والمغرب إمضاء مثل هذه الإتفاقية لتنظيم تداول المعلومات بخصوص تلك المائدة. في محاولة لحماية ما تبقى منها من طبقات مائية والتنسيق حول كيفية الإستغلال المستقبلي لها.
ويرى الرحيلي أن الجانب التونسي يجب أن يكون من أكثر الداعمين للإتفاقية لأنها تأتي في وقت تعرف فيه تونس ارتفاعا في أسعار الطاقة المحرك الأساسي في استخراج تلك المياه الموجودة على أعماق كبيرة. على عكس الوضع في ليبيا والجزائر ذات القدرات الطاقية الكبيرة والرخيصة و القادرة على سحب كميات مياه كبيرة. وبالتالي تنظيم الاستهلاك و ترشيده و تبادل المعلومات حول مكونات الطبقة المائية سيكون في صالح تونس. و في صالح توازن ما تبقى من المائدة المائية و تحسن نوعية مياهها وازدياد الضغط داخل طبقاتها و سيخف الضغط على هذه المائدة وبالتالي تسترجع إمكانياتها الارتوازية و المحافظة عليها للأجيال القادمة في إطار التنمية المستدامة.
وختم الباحث و الأكاديمي المتخصّص في مسائل التنمية والتصرّف في الموارد حسين الرحيلي تصريحه بالقول إن الإتفاقية لا تمنح فرصا لإحداث مشاريع استثمارية مشتركة بين الدول الثلاث لأنه صعب و مستوى الإسنزاف المجحفأوشك على تدمير المائدة المائية. لكن حسب رأيه هذه الإتفاقية سوف تعمل ‘لى إصلاح ما دمرته السياسات القديمة وإعادة جزء من مكونات المائدة و في إطار تنظيم الإستغلال و تبادل المعطيات بين الأقطار الثلاث كي تعرف كل دولة في أي وضعية مائية عميقة موجودة.