لماذا يجب أن تكون هناك حرية تعبير؟
الاجابة الأولى البسيطة: لأن القمع والتضييق يولد الانفجار!
أحيانا هناك من لا يريد التصديق ان حرية التعبير مهمة جدا كالماء والهواء والصحة وكل الحقوق الانسانية التي لا تتجزأ، والتي بممارستها يعبر الانسان عن نفسه و وجدانه ويكون انعكاسا لنفسه ومحيطه.
حرية التعبير ليست فقط حرية أن نقول ما نريد في الوقت الذي نريد وبالطريقة التي تريحنا ولا هي فقط حرّية الفكر والإبداع والفن والرقص والمسرح واعتناق الأفكار التي تعكس دواخلنا وتكون مرآة لانسانيتنا، بل إن حرية التعبير هي أداتنا اليومية البسيطة حتى نكون مطمئنين حتى نعيش بلا ضغوط ولا ألم.
تخيل نفسك مثلا محروما من التعبير عن مشاعرك حتى في وسطك العائلي لاتستطيع أن تطلب من والدك أن يستمع إليك لأنك تخشى ردة فعله لأنك تراه صعب المراس أو ذو طبع صامت ومتصلب، أو مثلا تخيل نفسك يمارس عليك ظلم من مديرك في العمل ولا تستطيع مواجهته أو تقديم شكوى لمن يعلو عنه رتبة، كيف ستكون حياتك وماهو لونها؟
أمثلة قد تبدو لك بسيطة، لكنها منبع القصة ومبدأها..من تلك المظاهر الشخصية في التعبير لنذهب إلى التعبير في الشأن العام، أين علينا أن ندافع في كل مرة أولا عن مبدأ عندما يتعلق الـأمر بحرية التعبير عموما لكل الناس، مواطنين.ات بمختلف انتماءاتهم، إن كانوا سياسيين أو مدونين او نشطاء وهو ما دأبنا عليه منذ سنوات قبل أن يهجم على انتقالنا الديمقراطي المتعثر بطبعه التتار، وتدعم ذلك، بعده لآن السجون خلال العشرية لم تكن مكتظة بسجناء الرأي أكثر من الحق العام.
ثم ندافع عن وجود مهنة بأكملها، وهي الصحافة بكل اعتزاز، رغم مايقالٌ عنها وما تتهم به، ورغم مسؤوليتها في نكبة اليوم التي كنت قد شرحت أسبابها في مقال سابق، وعلى الرغم من ذلك هي لم تمت وتقاوم، ولربما يصلكم صوتي وعشرات مثلي وعبرهم يأتيكم الخبر وظله، أو الحقيقة ونبضها كما نقول في تونس ميديا.
عندما ندافع عن حرية الصحافة بصوت عال دون خجل أو مواربة أو تنميق، وهو واجب حيوي لأي صحفي شريف لا يمتهنٌ مهنة أخرى سواها، أصلا الدفاع عن حرية ممارسة المهنة مكتوب حتى في كبرى مواثيق التحرير للمؤسسات الإعلامية الدولية، التي تلجم أصوات موظفيها حتى “لا يقدمون آرائهم” في حين هم احيانا كثيرة يقدمون خدماتهم في تونس وغيرها، ثم يتشدقون “بالحيادية”.
ياسادة يا كرام
نحن ندافع عن حقكم أنتم، نعم، أنتم نصف المهنة، الجمهور، نحن نصرخ عاليا رفضا للانتهاكات والتضييقات على حرية ممارسة العمل الصحفي وفرض التراخيص عليه والرقابة المسبقة، من اجل حق المجتمع، اي انتم في تدفق المعلومات، من مصادر مختلفة.
نحن نعمل كل يوم حتى نقدم لكم معلومات صحيحة، وعندما نمارسٌ المهنة كما تمليه أخلاقياتها ودون تضييق، نستطيع أن نكشف لكم أوجه التضيليل والزيف والكذب من أي سلطة كانت او حتى معارضة او اي طرف كما يحدث في اي دمقراطية في العالم.
نحن ندافع عن طريق آمن للصحفيين.ات حتى ينفذوا لكل حساسيتك الموصوفة بالتطرف والعلمانية والإسلامية والمدنية، كل ثناياك وانعكاس اختلافاتك، نحن نتجندٌ يوميا لأجل هذا عندما يتعلقٌ الأمر بحرية الصحافة تحديدا وخصوصا، لأن صحافة حرة تعني مجتمع حرّ.
نحن لا ندافع عن أشخاص، معظمهم لم تجمعنا بهم طرقات المهنة ولا العمر ولا الأديولوجيا ولا الانتماء ولا طريقة العمل ولا نظرة الأمور والتعاطي معها، ولا حتى نفس الظروف المريحة والفرص السهلة، لكثر منهم حتى يكونوا ما أصبحوا عليه اليوم.
نحن ندافع عن حقكم أنتم في مواطنة كريمة بقدر المتاح والممكن.
ختاما أعزائي
إن كان لي حلم في هذا الوطن، هو أن يعي شعبنا بقيمة صحافة حرة وماتستطيع أن تفعله لأجله، من حقكم أن تغضبوا على 12 عاما ضاعت منها أغلى فرص التغيير والبناء.