الأخبارحقوق

جمعية القضاة التونسيين تنبه للأوضاع بالغة الخطورة التي آل إليها القضاء التونسي

القضاء التونسي

تونس-هيئة التحرير

قال المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين في بيان بتاريخ اليوم الأربعاء 16 افريل 2024 تحصل موقع توميديا عن نسخة منه إن الوضع القضائي العام اتسم بمزيد توسع نفوذ وزارة العدل داخل القضاء وبسط سيطرتها الكاملة عليه باستغلال وضعية الفراغ المؤسسي في القضاء العدلي والتي افتعلتها الوزارة نفسها من خلال إحداث شغورات في تركيبة المجلس المؤقت للقضاء العدلي، وهو المؤسسة التي أنشأها رئيس الجمهورية بواسطة المرسوم عدد 11 لسنة 2022 بديلا عن المجلس المنتخب الضامن لمقومات استقلال القضاء.

وأكد المكتب في هذا السياق، نقلة اثنين من أعضاء مجلس القضاء العدلي في الحركة القضائية الأخيرة 2023/2024 وتقاعد اثنين آخرين دون تسمية أعضاء آخرين مما حال دون انعقاده منذ أكثر من 6 أشهر لعدم اكتمال نصابه القانوني وأدي إلى شلله بشكل كامل.

مشيرا إلى أن هذا الفعل فتح المجال أمام وزارة العدل لاستخدام آلية مذكرات العمل بشكل تعسفي ومكثف خارج كل إطار قانوني يخول لها ذلك بقصد إحداث تغييرات جوهرية ومستمرة في تركيبة المحاكم ومسؤوليها وقضاة النيابة العمومية وقضاة التحقيق والدوائر القضائية الحكمية أثناء السنة القضائية في عدد كبير من محاكم الجمهورية دون مراعاة لأي ضوابط قانونية أو معايير موضوعية أو لمقتضيات حسن سير القضاء ومرفق العدالة ومصالح المتقاضين.

كما سجل بناء على ما استقصاه من معلومات إلى حد اليوم أن مذكرات العمل الصادرة عن وزارة العدل شملت بالتعيين في المسؤوليات القضائية الكبرى أو التجريد منها كلا من الرؤساء الأول بمحاكم الاستئناف بجندوبة وقفصة وصفاقس وقابس، والوكلاء العامين بكل من محاكم الاستئناف بباجة والمنستير وقابس وسيدي بوزيد، ورؤساء المحاكم بكل من القصرين وسيدي بوزيد وأريانة والمهدية ونابل وجندوبة، ووكلاء الجمهورية بكل من سيدي بوزيد وبن عروس وبنزرت والمهدية والمنستير والقصرين وتونس ، فضلا على عديد قضاة النيابة العمومية وقضاة التحقيق وقضاة المجلس وقضاة الأقطاب القضائية المتخصصة في حصيلة أولية بلغت 105 قاض وفي شبه حركات جزئية أسبوعية تعلقت بعديد القضاة والمسؤولين القضائيين ممن شملتهم الحركة القضائية الأصلية التي أعدتها وزارة العدل نفسها وتم الإعلان عنها يوم 30 أوت 2023 والتي شملت 1088 قاض وقاضية بالإضافة إلى الإيقافات عن العمل بمرتب أو بدونه خارج أي مسار تأديبي أثناء النظر في الملفات أو بعد الحكم فيها في ما يشبه الطرد التعسفي اليومي من العمل.

ولاحظ المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين أن قرارات النقل والتجريد من المسؤوليات المكثفة واليومية قد بلغ حدا أقصى من أشكال الإهانة والحط من الاعتبار مع غياب الاعلامات السابقة والتبريرات الواجبة لكل قرار فردي وقد بلغ إلى علم المكتب أن بعضا من مذكرات النقل تم إصدارها إثر استجوابات للقضاة في التفقدية العامة لوزارة العدل حول اجتهاداتهم القضائية في نطاق الأحكام أو القرارات التي صدرت عنهم في ضرب تام لاستقلال وحياد الأعمال القضائية التي لا رقابة عليها من السلطة التنفيذية بل لا تجوز الرقابة إلا في نطاق الطعون القانونية.

واشار الى ان لكل ما سبق من تلك التغييرات بمذكرات العمل في وسط السنة القضائية، فضلا عما تسببت فيه من اضطراب كبير في سير العمل بالمحاكم، تأسست في غالبيتها على قاعدة الجزاء والعقاب واقترنت بنقلة المسؤولين السابقين إلى دوائر قضائية بعيدة عن مقرات سكناهم وبالحط من رتبة العديد منهم في خرق واضح لمبدأ الأمان القانوني ولمبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه وغياب كامل لضمانات المساءلة القانونية العادلة ولأبسط قواعد النزاهة والشفافية وانتهاك صارخ للمعايير الدولية لاستقلال القضاء ولمقتضيات المصلحة العامة فإنه:

أولا: يدين بشدة النهج التسلطي المتواصل الذي تتبعه وزارة العدل واستئثارها بتسيير القضاء العدلي والتحكم في المسارات المهنية للقضاة العدليين وإدارتها بشكل تعسفي وانتقامي خارج كل ضمانات التقييم الموضوعي والمستقل للأداء القضائي والتنافس النزيه والشفاف على المسؤوليات القضائية بعد تعمد افتعال تغييب المجلس المؤقت للقضاء العدلي وتجميد نشاطه.

ثانيا:

يؤكد عدم وجود علاقة  بين السياسة المتبعة من وزارة العدل وأي نهج إصلاحي للنهوض بأوضاع المحاكم وتحسين أداء مرفق العدالة وإنما غايتها إشاعة أجواء الخوف والرعب والترهيب وانعدام الأمان في الوسط القضائي بغاية مزيد إحكام القبضة على القضاء والتحكم فيه على حساب حقوق المتقاضين والمواطنين والمصلحة العليا للوطن.

ثالثا:

نطالب إزاء هذا الوضع من انهيار مقومات القضاء المستقل بفتح تحقيقات حول الظروف التي حفت بكثير من قرارات التجريد من الخطط القضائية والايقافات عن العمل والتي أثارت كثيرا من التساؤلات في الوسط القضائي ولدي الرأي العام وخاصة ما يتعلق بنقلة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي عينته وزيرة العدل نفسها منذ بضعة أشهر كما يطالب وزارة العدل بتقديم الإيضاحات اللازمة حول كل ما يحصل في القضاء في المدة الأخيرة.

 

رابعا: يدعو وزارة العدل إلى الكف عن الاستحواذ على دور المؤسسات في إدارة القضاء والاشراف على المسارات المهنية للقضاة.

خامسا:

يشدد على ضرورة مراجعة السلطة السياسية لخياراتها في التعامل مع السلطة القضائية التي ثبت فشلها وزادت في استفحال الأزمة في مرفق العدالة بشكل لم يعرفه القضاء التونسي في أحلك المراحل التي مر بها.

سادسا: يعتبر أن من انعكاسات هذه الأزمة في الوسط القضائي هو تصاعد استهداف الحقوق والحريات وفي مقدمتها حرية التعبير والإعلام وتراجع الحماية القضائية لها باستعمال المرسوم عدد54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 بصفة تعسفية ودون ضوابط.

سابعا: يدعو المجتمع التونسي بجميع مكوناته إلى التنبه إلى خطورة ما آل إليه الوضع القضائي في تونس والعمل بكل ما يتوفر له من إمكانيات على حماية القضاة التونسيين مما يطالهم يوميا من إجراءات تعسفية غير مسبوقة تهدد دورهم في حماية الحريات وضمان حق الدفاع وإيصال الحقوق إلى أصحابها في كنف الاستقلالية والحياد والنزاهة والموضوعية وإيجاد الآليات اللازمة للحد من تغول السلطة التنفيذية وتمددها داخل القضاء.

ثامنا: يجدد المكتب التنفذي لجمعية القضاة التونسيين الدعوة إلى كافة القضاة بمختلف أصنافهم ورتبهم إلى مزيد التمسك في هذه الأوقات العصيبة باستقلالهم وحيادهم في أداء رسالتهم النبيلة وعدم خضوعهم لأي ضغوطات تسلط عليهم مهما كان نوعها ومصدرها ولعب دورهم كاملا في حماية الحقوق والحريات وتفعيل مبادي المحاكمة العادلة إعلاء لقيمة العدل وصونا لها من كل تعسف أو جور.

تاسعا: يشير المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين في الأخير إلى أن جمعية القضاة التونسيين كمنظمة وطنية وبما لها من رصيد نضالي وعملا برسالتها وانسجاما مع مبادئ تأسيسها ومع قانونها الأساسي ستتابع كل هذه الأوضاع في تنبه دائم من أجل إنارة الرأي العام في الإبان حول كل ما يستجد من أحداث لها صلة بالأوضاع سالفة الذكر دفاعا عن الأمان القانوني للقضاة وعن مبادئ استقلالية القضاء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى